قال رئيس الحكومة المكلف إن أولوياته هي محاربة الارهاب والفـساد وتغيـير منوال التـنمية. بالنسبة للإرهاب والفـساد فهذا لا يتطلب ايضاحات بقـدر ما يتطلب المضي فعليا وخاصة في محاربة الفساد بما أن الحرب على الارهاب قائمة، و قد أبلت حكومة الصيد البلاء الحسن في ذلك مع المطالبة بالمزيد وتوسيع دائرة الحرب نحو تـدعيم الثـقافة ونقصد تحديدا ثـقـافة الفكر والابداع و الكتاب وليس ثـقافـة “الهشك بشك”..
ما يتطلب التوضيح و صياغة الخطاب ورفع اللبس هو عن مفهوم هذه الحكومة لما قال “تغيير منوال التـنمية”. لا يعني هذا المطالبة بتحديد الوجهة نحو اقـتصاد الدولة ام اقـتصاد المبادرة الحرة. لكن تحديد معالم المفاهيم التي تحددها الحكومة لمنوال التـنمية المقصود الذهاب اليه من حيث الاجراءات العملية التي تـنوي القيام بها و اسسها السياسية و القانونية و المفاهيمية، وذلك ليكون للسلطة خطاب واضح يقطع الطريق امام الخطابات الشعبوية من جهة، ومن جهة اخرى يفتح افق المشاركة الشبابية في العملية التـنموية بما ان الحكومة حكومة شباب والشباب هو المعني بالشغل والتـنمية كما ان البلاد معنية بالتـنمية وتجاوز الازمة الاقتصادية. أي ان الحكومة يجب ان تهتم كاولوية بالخطاب السياسي و لا سياسة ناجحة دون خطاب سياسي ناجح أي نافذ و مقنع و مثير لحماسة الشباب. فما بعد حكومة الوحدة الوطنية يجب العمل على الانجاز الفعلي للوحدة الوطنية لدى الشعب.
كما أن تحديد الحكومة لمفاهيمها التـنموية الجديدة سيساهم في بعث الأمل في التغيـير كما أنه سيساهم في اثارة نقـاشات وانتـقادات من شأنها شغل الشباب للاتجاه نحو مناقشة مستـقبله وواقعه وقضاياه الرئيسية، بدل الضياع في ترهات المشاغل والايديولجيات وأحلام المنـقذ والمهدي المنتـظر سواء كان بعمامة خضراء أم حمراء..
وأن ذلك يدخل كذلك في الحرب على الارهاب لان الارهاب يتغذى على مناخ اليأس العام والاحباط الذي تـثيره أغلب من جهة سياسية تـقـتات بالأساس من فشل الآخر وليس على عوامل نجاحها الذاتية التي تـفتـقدها..
وبشكل عام فان من أهم عوامل النجاح لهذه الحكومة و لأي حكومة هو الشجاعة والقوة والاقـتدار على التـنفيذ القائم على الوضوح في التصور. ولا فائدة من التـذكير أن السيد “يوسف الشاهد” ليس بورقة السيد “الباجي قايد السبسي” الاخيرة فقط وإنما ورقة تونس الأخيرة الآن لخلق قاعدة الواقع الجديد الذي نطمح اليه سواء بوعي الأقلية أم بالحس العام للأغلبية.. هذه القاعدة هي الاستـقرار والحركة نحو التـنمية ونحو الديمقراطية المدنية..