بقلم: خولة بن قياس
اختلطت دماؤهم بدماء الدجاج، واختلطت دموع الحزن والصدمة بصرخات من جاؤوا يبحثون عن هل من بين الجثث المرمية هنا وهناك ابنه أو أخته أو أمه أو زوجته التي خرجت فجرا لتستقل شاحنة فلاحية تذهب فيها لأحد الضيعات المجاورة لكسب الرزق، لكن لا أحد يلعم أن مصير هذا الرزق ملطخ بالدم، دم أبرياء وعار دولة لليوم لم تجد حلا لهذه الفئة المهمشة من المجتمع.
ساعات الفجر الأولى من يوم سبت في سنة 2019، تقريبا الساعة الخامسة فجرا عاشت ولاية سيدي بوزيد حادثا أليما أودى بحياة 12 شخصا 10 نساء وطفل عمره تقريبا 13 سنة وسائق الشاحنة بالإضافة لجرح 20 أخرين كانوا في طريقهم لأحد الأراضي الفلاحية ليزاولوا عملهم اليومي.
الحادث تمثل في اصطدام الشاحنة التي تقل أكثر من 30 شخصا من نساء وأطفال وبين شاحنة أخرى على متنها صناديق دجاج في طريقها لأحد الأسواق.
الواقعة تحديدا جدت في منطقة "السبالة" التي تبعد 40 دقيقة على مركز ولاية سيدي بوزيد, الصور الأولى من رواد التواصل الإجتماعي كانت صادمة وكفيلة بجعل كل النشطاء يتداولونها مستنكرين ما حدث ومتهمين الجهات المعنية من وزارة النقل وزارة المرأة والأسرة على تقصيرهم المتواصل لحماية العملة الريفيين في مختلف جهات الجمهورية.
خاصة أن هذا الحادث ليس الأول فقد سبقه حوادث عديدة من شمال تونس الى جنوبها, شاحنات الرزق الذي يأخذ صاحباته الى منفاهم الأخير.
اتهامات تتزايد للحكومة التونسية بالتقصير خاصة مع كم الوعود التي قدمتها الحكومة لتسوية ملف النقل العمومي الفلاحي في مناسبات عدة أهمها عيد المرأة الفارط 13 أوت أب 2018 أين تعهدت وزارة النقل بضمان ظروف أمنة للنساء الريفيات اللاتي يمتهن الفلاحة لكسب رزقهن.
وزارة المرأة أيضا سبق أن تعهدت بظروف عمل كريمة لهؤولاء النسوة ولكن لليوم لا جديد يذكر في كل هذه الوعود.
هذا الحادث الذي كان مناسبة للأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية في تونس بأن تندد وتذكر الحكومة بأهمية تحديد جدول أولويات تكون فيها الطبقة المهمشة والفقيرة من بين أولى الأولويات.
فقد دعت حركة النهضة الإسلامية في تونس مجلس نواب الشعب إلى التسريع بالمصادقة على المبادرة التشريعية التي تقدمت بها كتلتها و المتعلقة بتنقيح قانون النقل البري لتنظيم نقل العملة بالقطاع الفلاحي .
من جانبه طالب الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي رئيس الحكومة بإقالة المسؤولين المتسببين في تواصل حوادث المرور التي راح ضحيتها عمال الفلاحة و فرض هيبة الدولة من خلال تحقيق انجازات لفائدة المواطنين
واتهم الطبوبي السياسيين بالتركيز فقط على كيفية الانقضاض على الحكم، وفق قوله لوسائل إعلام تونسية
كما حمل المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية اليوم السبت السلط المركزية والجهوية والمحلية مسؤولية .
أما وزير المرأة والأسرة والطفولة نزيهة العبيدي حملت مسؤولية الحادث لسائق الشاحنة الذي كان متهورا خاصة وأن الطريق التي سلكها لإيصال النسوة لعملهن هو طريق يعتبر وعر وخطير .
وربما لم يصل لوزيرة الصحة خبر السائق الذي هو أيضا راح ضحية الحادث ومات على عين المكان صحبة والدته المسنة.
السيدة فاطفة كانت في مكان الحادث أول وقوعه تقول أنها احتارت الى من تذهب ومن تساعد.. تقول :" كنا نتصل بالإسعاف الذي تأخر في المجيئ وكنت أحاول انقاذ الطفل الذي يبلغ من العمر مكن 13 سنة ولكن للأن لا يمكنني نسيان المرأة التي طلبت مني جرعة ماء ولم أستطع تقديمه لها ".
الحادث للأن هو موضوع الساعة في تونس وسط دعوات بضرورة اتخاذ القرارات العملية الازمة لصالح هذه الطبقة من المجتمع ودعوات أخرى بتحمل الحكومة مسؤوليتها لأنها المسؤولة الأولى عن حالة الاهمال والفوضى في البلاد.
"حادثة السبالة" حسب متابعين أسقطت أقنعة من يرفعون شعارات المساواة وحقوق المرأة في تونس .. فأي مرأة يقصدون ..مرأة الصالونات التي تكرم في القصور والمؤتمرات أم المرأة التي دهست اليوم تحت عجلات شاحنة بالية؟