نورهان بوزيان: من حقي أن أظل ممثلة

نسرين السويد-
“ليس هنالك مهنة ممثل، العرف هو ما ينظم عملنا، هل يعقل أن يتم انتهاك حقوقي كممثل إلى هذا الحد، حقي مكفول بالدستور كامرأة وكمواطنة، وعلى الدولة تحقيق ذلك“ هكذا تكلمت نورهان بوزيان الممثلة والمخرجة التونسية، بحسرة عن قطاع التمثيل بتونس.
 
تقول نورهان والتي أسست نقابة بمعية زملائها للمطالبة بحقوقهم وطرحت مشروعاً للإصلاح أمام رئاسة الحكومة من أجل تحسين التشريعات المتعلقة بقطاع المسرح ”إن دعم الممثلات وتمكينهن اقتصادياً لا يأتي إلا من خلال دعم الصناعة الفنية، كما إن تشريعات القطاع المسرحي فيها انتهاك كبير لحقوقنا الاقتصادية كممثلات محترفات“. 
 
التمكين الاقتصادي لنساء المسرح المحترفات أصبح شغل نورهان الشاغل بعد أن يئست من تجاوب الحكومات المتعاقبة مع مطالبهن الرافضة لتهميش النساء، موضحة بقولها "إن حرمان النساء من حقهن في الاستقلال اقتصاديا قد يتسبب إما باستغلالهن ماديا كالعمل بأجور منخفضة، أو استغلالهن جنسياً، أو العيش على الفاقة والفقر“.
 
تسعى نورهان لتمرير مشروع قانون الفنان وتغيير صيغه التعاقدية، والترفيع من منحة الإنتاج التي لم تتغير منذ عهد بورقيبة، وتعتزم نورهان مواصلة سعيها وهي تدرك جيداً أنها ستعاقب، بقولها ”حرمت من الدعم لمدة ثلاث سنوات متتالية، برفض دعم إنتاج أعمالي المسرحية لأني انتقدت السلطة في تعاطيها مع الفنان، ولأني قدمت شكاوى لأخذ حقوقي المادية“، كما أخبرتنا نورهان أنها حين توجهت لإدارة المسرح للإعلان عن اعتراضها كان ردهم "اذهبي واشتكي لا حق لك“.
 
أوضحت دراسة نشرتها مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية في العام 2018 حملت عنوان  ”النساء التونسيات في الشغل والحركة النقابية“ أن النساء الناشطات يتعرضن بشكل أو بآخر إلى تعطيلات في المجال المهني، وأنهن حتى في حالة الشغل القار لا يتمتعن بتكافؤ الفرص في الترقية المهنية، ولا بنفس الامتيازات التي يتمتع بها زملائهم من الرجال، وأنهن الأكثر عرضة للشغل المهين والمنصب الأدنى من المؤهلات والطرد التعسفي.
 
“أعاقب لأنني متشبثة بمهنتي كممثلة، كنت متأملة أن تتغير القوانين، التي تضمن حقوقنا المادية، بلغت الآن سن الخامسة والأربعين، قضيت حياتي كلها بالمسرح، واليوم توقفت العروض، بسبب فيروس كورونا وغياب الدعم، وتوقف معها دخلي المادي”.  
 
عن غياب المشروع الثقافي والايمان بدور الفن والفنان تقول نورهان ”الفنانون لا تذكرهم الدولة إلا بالنعي حين يغادرون، نحن محرومون من التغطية الاجتماعية، محرومون من حق التنقل من أجل المشاركات الفنية، ومن حقنا في التدريب، الدعوات الأخيرة لإحالة ميزانية الثقافة إلى الصحة تؤكد الجهل بأهمية الفن ودوره“. 
 
تأثرت حياة نورهان الأسرية كونها المعيل الوحيد لأبنائها بضعف الموارد المادية التي تجنيها من العمل، ووصفت وضعها المعيشي قائلة "أنا مطلقة وأعيش في بيت أهلي، أعيل نفسي و أعيل عائلتي، ومن حقي على الدولة أن أكون مستقلة وأن أعيش من عملي كممثلة، رفضت أن يتم استغلالي جسدياً أو جنسياً، ولن أسمح للدولة بحرماني من حقوقي الاقتصادية كامرأة ومواطنة، وكإنسانة في كهولتي لاحقاً، ولن أتخلى عن وظيفتي كممثلة“.
 
تتحسر نورهان لأنها قضت حياة من الصراعات بدءً بمعارضة والدها بسبب العادات والتقاليد الاجتماعية المحافظة، مروراً بوصمة العار التي كانت تلاحق مهنة الممثلة في المجتمعات التقليدية، وأردفت بالقول ”تحديت هذا الرفض حتى اقتنع بي والدي كممثلة، اليوم كبرت وكبرت معي مشاكلي في مهنتي كامرأة، وأصبح صراعي مباشراً مع سلطة الدولة، بعد انتصاري على السلطة الأبوية".
 
تؤكد نورهان أن مشاريع شركتها الفنية الخاصة متوقفة بسبب ضعف التمويل تارة، أو تغييبه قسراً وتقول "ستون بالمائة من الأعمال المسرحية المقدمة للدعم هذه السنة قد تم رفضها، وبدون مبررات مقنعة يتم إعلامنا برفض تمويل مشاريعنا“.
 
وعلى الرغم من قيام تونس بتحديث القوانين التي تشرع حقوق النساء على منظور النوع الاجتماعي آخرها خطة العمل الوطنية 2018- 2020 لتنفيذ قرار مجلس الأمن 1325 تحت عنوان "المرأة والأمن والسلام" والقرارات المكملة له، لكن على مستوى التمكين الاقتصادي للنساء لا يزال تشغيل للنساء هشاً في عدة قطاعات مهنية ومن بينها القطاع المسرحي ومجال التمثيل.
 
ملاحظة: تم إنجاز هذه المادة ضمن مشروع "الأحداث كما ترويها الصحفيات" المدعوم من هيئة الأمم المتحدة لدعم المرأة والمنفذ من قبل أكاديمية شمال أفريقيا للإعلام.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.