مهرجان الجاز .. حينما يعانق صوت علياء السلامي سماء طبرقة

 يسرى الشيخاوي-

حضورها على المسرح يتّسم بهدوء صارخ، بسيطة الإطلالة بتعابير وجه عميقة تحاكي صوتها الذي يعانق سماء مدينة طبرقة ان هي أطلقت له العنان، هي الفنانة التونسية علياء السلامي التي أحييت حفلا موسيقية في اليوم الثاني من فعاليات مهرجان الجاز بطبرقة.

علاقاتها بطبرقة خاصة جدّا حيث خطّت بداياتها في المدينة التي كانت على مر سنوات قبلة لعشاق موسيقى الجاز، لتعود إليها محملة بالحنين والحب ضمن دورة استثنائية لمهرجان الجاز بطبرقة، دورة ينشد القائمون عليها استعادة ألقه الذي خفت في السنوات الأخيرة.

من فضاء البازيليك الأثري، انساب صوت الفنانة التي أوجدت لنفسها أسلوبا موسيقيا لا يشبه إلا بحثها الدائم عن التجديد وعن خلق همزة وصل بين أنماط موسيقية مختلفة.

 بنبرة مشحونة بالحماسة أبدت علياء السلامي فرحها بوجودها والعازفين المصاحبين لها في مهرجان الجاز بطبرقة، قبل أن تحرّر صوتها ليتجاوز حنجرتها ويمتدّ إلى المدارج ومحيط البازيليك.

حركاتها على المسرح تحاكي التوليفة الموسيقية التي خلقها المزج بين تلوينات مختلفة، وتعابير وجهها تترجم الكلمات التي تنطق بها إذ هي استرسلت في الغناء، ليصبح الركح فضاء لتجربة فنية تتماهى فيها الموسيقى ذات الطابع الخاص مع إحساس السلامي وقدرتها على تلبّس معاني الكلمات في الأداء.

هو حفل موسيقي، نتوعت فيه الألوان الموسيقية وغنت فيه الفنانة التي ظلّت وفية للمسارالذي اختارته منذ البداية أغان عن الحب والحرّية والإنسانية، وكانت بداية الاستعدات الغنائية من عالم موسيقى الجاز مع "باث هارت" التي لن يمّحي حضورها على ركح فضاء البازيليك من داكرة مهرجان الجاز.

توزيع موسيقي جديد رافق كل الأغاني التي استعادتها علياء السلامي من زمن الجاز الجميل وصدحت بها حنجرتها على وقع نغمات الغيتاروالباص التي تحاكي الحرية في انسيابها وأنغام السكسفون التي تشبه نداءات الانعتاق وايقاعات الدرامز التي تترجم صرخات الثورة.

في تصورموسيقي يسبح في فلك الجاز ويعانق أفلاك أخرى، اجتمع أصدقاء جمعهم حبّهم للموسيقى التي تشبهم وتعبّر عن هواجسهم وتمثلاتهم للحياة، هم ياسين بولعراس عازفا على الساكسفون و"غيان فلواد" عازفا على الدرامز ووسيم بالرحومة عازفا على الباص وقيس السلامي عازفا على الغيتار.

هم عشّاق للموسيقى التفوا في ناد للجاز ونشأ بينهم تناغم ترجموه في شكل تصور فني يخاطب أكثرمن ذائقة موسيقية وهو الذي يجمع بين البلوز والجاز والكلاسيك والارتجال الموسيقي الذي يتّخذ من العصف عنوانا له.

صداقة عمرها عقد وثلاث سنوات تجمع بين ياسين بولعراس وعلياء السلامي، اتخذت على ركح فضاء البازيليك بعدا فني في عمل موسيقي يجمعهما للمرة الأولى، علما وأن بولعراس يعتلي الليلة الركح ليمتع جمهوره بمشروعه الموسيقي الجديد "أفريقيا" الذي تتقاطع فيه الموسيقى الافريقية والموسيقى التونسية عند الجاز.

أغان من كلاسيكيات الجاز، أضفت عليها علياء السلامي روحا جديدة وطوعت مساحات صوتها لتلفظ الجمل الموسيقية بأسلوب جعلك تسافر بين كلماتها ومعانيها.

وهي لم تكتف باستعادة أغان أجنبية بل غنّت أيضا نص " أخبار"من كلمات سعاد بن سليمان، وهو نص ينتقد الإعلام في تونس وقدّم ضمن عرض "هي والاخرى"، وفي هذه الأغنية تماهت اللهجة العامية التونسية مع موسيقى عابرة للحدود ليكون صوت علياء السلامي تعبيرا على أنّ الفن لا يعترف بالحدود.

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.