من النمسا إلى تونس .. الجاز حالة موسيقية عابرة للحدود

يسرى الشيخاوي-

من بلد الموسيقى والانس، من النمسا بلد الحب حلّت مجموعة موسيقية لتزين الركح بألحان وأنغام قادمة من عالم تنتفي فيه الحدود ويتعانق فيه الماضي والحاضرعند أسلوب موسيقي لا يخضع لزمان ولا مكان.

من النمسا إلى تونس، كان الجاز حالة موسيقية عابرة للحدود وبرهانا على أنّ للموسيقى لغة يفهمها كل من يصغي إليها بروحه، لغة تخاطب العاطفة وتثير الحواس وتتجاوزاللغة المادية وإشكالات فهمها في حال عدم التمكّن من مفاتيحها.

 إيقاعات مطردة تتأرجح بين أنماط موسيقية مختلفة، زينت الركح في حفل لمجموعة " Anduze & The Pavor Stelar Horns "

التي انسابت موسيقاها حرة طليقة حتى عانقت سماء مدينة طبرقة.

موسيقى جاز لكنّها ليست بالجازعلى حالته الاولى، هي حالة موسيقية انصهرت فيها نوتات الجاز مع موسيقات أخرى فكانت موسيقى "السود" الشعبية الضارب أصلها في إفريقيا لباسا للفانك والبلوز وإيقاعات غربية أخرى.

قد لا تفهم كلمات الأغاني وقد تتوه في العوالم الموسيقية الكثيرة التي توحّدت على ركح البازيليك، ولكنّك لن تتوانى عن الرقص على وقع موسيقى المجموعة النمساوية التي تشحنك بطاقة تحررك من الواقع وتغويك بالسفر بين النوتات حيث لا سيّد غيرالرقص.

هي المرة الأولى التي تحل فيها المجموعة النمساوية إلى تونس ليكون لقاؤها مع عشاق موسيقى الجاز مفعما بالحماسة، لقاء خاطبت فيه جمهورها بالموسيقى فكان الرقص طيلة السهرة ردّه.

 الموسيقى وكلمات الاغاني وحركات العازفين والمغنّي على المسرح وحركاتهم وحتّى ملابسهم وحالة النشوة التي ترجمتها أجساد الجمهوربالتمايل، تفاصيل جعلت من مسرح مهرجان الجاز بطبرقة عالما مستقلا بذاته الموسيقى دينه.

هاوس والكترو وفانك وبلوز وجاز، مدارس موسيقية مختلفة مزجت بينها أنامل العازفين الذين حملوا أجواء حفلات النمسا الصاخبة في التسعينات إلى تونس، وجعلوا من البازيليك الأثري نقطة التقاء بين ثقافات مختلفة.

نغمات لعوب بعضها خفيف وبعضها سريع، راقصة متراقصة، مرتجلة وعفوية تحمل الجمهور في كل مرّة إلى رحلة متجدّدة، الامر الذي جعل من عرض المجموعة النمساوية عصيّا على الملل.

جمهور أسكرته الموسيقى فعزف عن المدارج، وفرقة موسيقة أبهرها تفاعل الجمهور في أوّل مصافحة معه فكان أن تسارع "ريتم" النغمات وتزيد على وقعها من حركاتها على المسرح، حركات ألهبت الأجواء وأغوت الجمهور بمزيد الرقص.

وإن كانت الأغاني التي صدحت كلماتها في فضاء البازيليك تعود إلى أكثر من عشرين سنة، فإن توزيعها الموسيقي الجديد جعلها شبيهة باليوم وكأنها نابعة منه، لتكون الموسيقى امتدادا للماضي في الحاضر وسفرا نحو مستقبل تكون فيه النوتات كلمات لا تستوعب الترجمة.

حوارات بين الجمهوروالمجموعة الموسيقية، وبين المجموعة الموسيقية وأجسادهم، وبين الأجساد والآلات الموسيقية، خلقت خيطا من التناغم والالتحام بين الجمهور والشباب القادم من النمسا، ما جعل وضع نهاية للعرض أمرا صعبا حتّى أنّ العزف والغناء تواصل بعد الوقت المحدّد.

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.