منير الشرفي: موقف النهضة من المساواة في الميراث متخلّف.. وهذه أسباب رفضها لهذه المبادرة

مروى الدريدي-

قرّر مجلس شورى حركة النهضة التمسّك بنظام المواريث كما ورد في النصوص القطعية في القرآن والسنة، وعبرت عنه مجلة الأحوال الشخصية، مؤكدا أنّ مبادرة المساواة في الإرث فضلا عن تعارضها مع قطعيات الدّين ونصوص الدستور ومجلة الأحوال الشخصية فهي تثير جملة من المخاوف على استقرار الأسرة التونسية ونمط المجتمع.

فصل الدعوي عن السياسي

وقبل اتخاذ مجلس شورى حركة النهضة موقفه الرسمي والعلني من مسألة المساواة في الإرث، ظهر داخل المجلس انقسام في المواقف، انقسام اعتبره المحلّل السياسي والأستاذ منير الشرفي منتظرا، إذ أن النهضة لم تنجح كما تدّعي في فصل الدعوي عن السياسي، وفي الظهور بمظهر الحزب المدني بل بقيت في العمق حزبا دينيّا في أغلبه.

واعتبر منير الشرفي في تصريح لحقائق أون لاين، اليوم الثلاثاء 28 أوت 2018، أنّ “المُتمدّنون” يطمحون إلى اتخاذ مواقف تتماشى مع العصر، ولو ظاهريّا، حتى يتمّ قبولها من الرأي العام التونسي المُتمدّن في أغلبيّته. لكن أغلبية مجلس شورى النهضة، والأغلبية الساحقة من مناصريها، مُتشبّثة بالمرجع الديني في المواقف السياسية.

ومن جهة أخرى، قال الشرفي: “ترى حركة النهضة أنها إذا ساندت مبدأ المساواة، فإنها ستخسر السواد الأعظم من ناخبيها، وأعني الجزء شديد التديّن من الشعب التونسي الذي يُصوّت لها في الانتخابات دون غيرها، لا لمبادئها السياسية، وإنما لتشبّثها بالشريعة”.

وتابع بالقول: “دون هذا الجزء من الشعب، لن يبق للنهضة أي أمل في الحصول على عدد محترم في البرلمان، بعد أن بيّنت تجاربها في الحكم حدود كفاءتها السياسية، بل وتجاوزاتها الخطيرة في التصرّف في الخزينة العمومية وتسيير الإدارة، وفشل كافة وزرائها في مختلف الحكومات منذ الثورة”.

المساواة في الميراث موضوع مدنيّ بمتياز

وبخصوص موقفه من المساواة في حدّ ذاته، أفاد الاستاذ منير الشرفي بأن الموضوع مدنيّ بامتياز لأنه يهمّ العلاقة بين أفراد من الشعب، وهي العلاقة التي لا يجب تنظيمها بغير القانون في دولة مدنيّة، قائلا: “وحتى إن أردنا النظر إلى هذا الموضوع بمنظار ديني، فإن موقف النهضة من هذا الموضوع، دينيّا، متخلّف.

وأرجع ذلك لسببين، الأوّل “إذا اعتبرنا أن الدين الإسلامي يجب أن يكون صالحا لكل زمان ومكان، فإن زماننا يُحتّم علينا أن نقرأ القرآن بأعين القرن الحادي والعشرين، ونُكيّف قراءتنا حسب التقدم المجتمعي والحضاري. وهنا لا أحد ينكر أن المرأة التونسية ليست المرأة، الأداة الجنسية، التي كانت عليه منذ عدّة قرون. بل أن المرأة التونسية تفوّقت على الرجل في العديد من المجالات، ويكفي المقارنة بين الذكور والإناث في نتائج الامتحانات المدرسية والجامعية منذ عدّة سنوات”.

أمّا السبب الثاني يتمثل في أن “الذين يُصرّون على التشبّث بالنص، أذكّر بأن المسلمين، وفي تونس بالخصوص، تجاوزا العديد من الأحكام الدينية، مثل تعدد الزوجات، والرق، وقطع يد السارق، وغيرها، تماشيا مع العصر ومع تطوّر ظروف المجتمع”.

صعوبة تمرير المبادرة التشريعية في البرلمان

وحول إمكانية المصادقة على مبادرة المساواة في الميراث في البرلمان من عدمه، قال منير الشرفي:” سوف لن يكون تمرير المبادرة التشريعية في المجلس النيابي سهلا، لكن الأكيد هو أن الكتل النيابية سوف لن تكون هذه المرة منضبطة كعادتها”.

وبيّن أن مدى عمق الانقسامات داخل الكتل هو الذي سيكون مُحدّدا، معتقدا أنه إجمالا، يبدو أن عدد الحداثيين في مجلس نواب الشعب يفوق عدد التقليديين، مما يُعطي حظّا وافرا لمشروع قانون المساواة، وفق تقديره.

وتجدر الإشارة أن مجلس شورى حركة النهضة التزم وفقا لما ورد في بيانه بتطوير حقوق المرأة والرفع من منزلتها في القانون والواقع، والتمسك بقيم العدل والانصاف، معبرا عن دعمه لكلّ مسعى لتطوير المجلة، بما يسهم في ضمان حقوق المرأة، وبما لا يتعارض مع النصوص القطعية في الدين ونصوص الدستور.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.