“مـنحة الفـقـر”.. إعانات قد تخلف معاناة

 بسام حمدي-

منعرج خطير قد يخلف مأساة انسانية في البلاد وانتشارا واسعا لفيروس كورونا نتيجة تضارب الاجراءات الاجتماعية التي اتبعتها وزارة الشؤون الاجتماعية في توزيع المنح المخصصة للعائلات المعوزة.

"ما يلزك على المر كان اللي أمر منو" مثل شعبي يعبر عن مأساة وفقر دفع فقراء البلاد إلى الاندفاع وسط الفوضى العارمة أمام مكاتب البريد في مختلف مناطق البلاد التي تنذر بعواقب صحية وخيمة جراء استراتيجية كارثية اتبعتها الدولة في توزيع المساعدات تؤشر إلى غياب التنسيق بين مؤسسات الدولة، وأفشلت وزارة الشؤون الاجتماعية مظاهر الحجر الصحي العام الذي فرضته في كامل البلاد بخلقها تجمعات سكانية قد تحول المساعدات الى  معاناة.

أكثر من 400 ألف رسالة نصية وردت على مصالح وزارة الشؤون الاجتماعية للاستفسار عن مدى استفادتهم من المنح الموجهة للفقراء، لكن المنظومة الرقمية التي اعتمدتها وزارة الشؤون الاجتماعية توقفت عند هذا الحد.

ورغم أن الدولة قادرة على تسيير عملية توزيع الاعانات الاجتماعية طبقا لمنظومة رقمية، إلا أنها لم تنتبه إلى خطورة تجميع المواطنين أمام مؤسسات البريد طمعا في منح مالية غير عابئين بسهولة انتقال العدوى فيما بينهم.

و كان بإمكان وزارة الشؤون الاجتماعية اتباع نفس الاستراتيجية الشركة التونسية للكهرباء و الغاز في توزيع الفواتير عبر توزيع المنح في مساكنهم دون الحاجة الى الخروج من منازلهم.

ولم تتضح الى حد اللحظة بوادر نجاح غرفة العمليات المخصصة لمكافحة انتشار "كورونا" سيما في مدى تنسيق الوزارات فيما بينها في اتخاذ قرارات إدارية موحدة تمنع التجمعات السكانية وأجبر التناقض بين قرارات وزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية الوحدات العسكرية والأمنية على التحرك لمحاولة تفريق المواطنين.

" منحة الفقر" وضعت عدد هام من التونسيين أمام مفارقة الامتناع عن الخروج للشارع والامتثال لكل اجراءات الحجر الصحي العام من جهة والبحث عن مورد مالي يضمن لهم توفير الخبز اليومي والمؤونة سيما وأن مداخيل شريحة هامة من المجتمع تنتهي بتوقف عملهم اليومي.

وحاولت منظمات المجتمع المدني في تونس تدارك الأمر وتدخلت لتنظيم تجمعات المواطنين أمام كل مكاتب البريد وقلصت من نسبة الاكتظاظ أمام مكاتب توزيع "منحة الفقر" إلا أنها لم تقدر بصفة تامة عن تفريق المتجمهرين في كل مناطق البلاد.

وتثير هذه الإجراءات المغلوطة مخاوف من تسارع وتيرة تفشي الوباء في البلاد وسرعة انتقال العدوى بين الناس سيما وأن أغلب من سارعوا إلى التمتع بالمنح الاجتماعية هم من كبار السن والشيوخ الذين بحثوا عن لقمة تكفيهم أيام الحجر الصحي.

ولازالت فرص التدارك قائمة أمام الدولة لإعادة تنظيم عملية توزيع المساعدات الاجتماعية حتى لا تكون متسببة في كارثة انسانية قد تحصد مئات الأرواح.

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.