بسام حمدي-
“مفتي الجمهورية يطالب بزيادة راتبه و يهدد بحجب هلال رمضان” الخبر طريف لكنه غير صحيح، ويوم يصحّ ويمتنع المفتي عن الاعلان عن رؤية الهلال فلا حول ولا قوة الا بالله، ومعنى ذلك أن كل شيء في تونس أصبح محل مقايضة في سبيل تحقيق مطلب أو فرض سيادة.
هذا التعليق الطريف الذي اخترناه عنوانا لهذه البطاقة الساخرة، تداوله تونسيون على مواقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك، ليس برغبة منهم في حجب هلال رمضان ولا سخرية من مفتي الجمهورية بل هو تعبيرة في محمل تواصلي اجتماعي، فبقدر ما كان هذا الخبر ساخرا وطريفا بقدر ما يمثل تعبيرا عن مواقفهم من توتر المناخ الاجتماعي وتفاقم تأزمه في الآونة الأخيرة.
“الستاغ تحجب أعداد الاستهلاك” هي كذلك تعبيرة اخرى من تعبيرات التونسيين التي تعلقت بأزمة الشد والجذب بين وزارة التربية ونقابة التعليم الثانوي ولكنها أمنية صعبة المنال يرغب في تحقيقها كل التونسيين، أطفالا ونساء، رجالا وشيوخا.
وربما أصبحت كلمة “الحجب” الأكثر تداولا في تونس لكنها في الآن نفسه تخيف كأن تصبح حركة احتجاجية داخل العائلة فتحجب الأم عن أبنائها ثيابهم أو يحجب الأب عن زوجته رغباته الجنسية فتصبح الحياة قاتمة.
وبعد سبع سنوات من الثورة تحولت المعركة من “الحجاب والمحجّبة” الى “الحجب ومُحجِّب الأعداد” فأصبحت الرؤية محجبة أمام التلاميذ وأكثرهم لا يعرفون مصيرهم المدرسي والتوجيهي.
ولئن بدت هذه “التعليقات الفايسبوكية” مجرد دعابة جماعية يتقاسمها رواد الفايسبوك فهي بالتأكيد تعبير عن رأي واحتجاج عما آلت إليه الأوضاع الاجتماعية بطريقة طريفة.
وبعيدا عن منطق التشكيك في شرعية المطالب النقابية والعمالية، توضح هذه النكت الفايسبوكية أن كل المسائل أصبحت محل سخرية وتندر ولكنها تؤكد في المقابل مدى تراجع منسوب الثقة لدى شريحة هامة من التونسيين في قادة المشهد السياسي والنقابي والاعلامي، كل شيء لم يعد بعيدا عن منطق المقايضة حتى المناسبات الدينية المتعلقة بعالم الغيب.
وهذه الطرق التعبيرية عن توتر المناخ الاجتماعي، خاصة بعد تعليق الدروس وحجب أعداد التلاميذ مقابل تمسك وزير التربية بشرطه للجلوس الى طاولة الحوار، جسده التلاميذ في دخلة الباك سبور من خلال دخلة ” سيب نسيب” وظهر فيها التلميذ ضحية التجاذبات بين الجامعة العامة للتعليم الثانوي ووزارة التربية.
وربما سيُعاقب سياسيو المرحلة الحالية وقادة المشهد السياسي بقرار حجب يقرره المواطنون فيحجبون عنهم أصواتهم في الاستحقاقات الانتخابية.
*بطاقة ساخرة
