أمل الصامت –
اعتبر الخبير الاقتصادي معز الجودي أن اللقاء الذي جمعه اليوم الاربعاء 12 سبتمبر 2018، برئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، كان على درجة كبيرة من الأهمية خاصة من ناحية التوقيت باعتبار ما تعيشه البلاد من خطورة على مستوى الوضع الاقتصادي والمالي وما يحتاجه من ضرورة إيجاد حلول وآليات عمليّة للخروج من هذه الأزمة، وفق تقديره.
وأفاد الجودي في تصريح لحقائق أون لاين، بأن السبسي كان واعيا بخطورة الوضع، حيث أكد أنه لا يمكن استكمال البناء الديمقراطي دون تحسن الوضع الاقتصادي والتنموي للبلاد، كما أشار إلى أنه ورغم عدم امتلاكه صلاحيات التصرف في الشأن الاقتصادي والذي هو من صلاحيات الحكومة إلا أن سلطته المعنوية كرئيس جمهورية تملي عليه الوقوف على كل ما يهم مصلحة تونس.
ولفت محدثنا إلى أن اللقاء الذي ضم كلا من محافظ البنك المركزي سابقا توفيق بكار والخبير في المجال المالي والبنكي سمير ابراهيم كان في إطار نشاطهم كأعضاء مركز الهادي نويرة للاستشراف والدراسات التنموية، حيث قام المركز مؤخرا بإرسال دراسات وتقارير أعدها حديثا حول الوضع الاقتصادي والمالي، للرئاسات الثلاث، مبينا ان أول تجاوب كان من قبل رئاسة الجمهورية التي أرسلت في طلبهم لمزيد الاستماع إليهم بشأن محتوى التقارير التي تلقتها.
وأضاف قائلا: "وقد اخبرنا رئيس الجمهورية بتشخيصنا الموضوعي للوضع والذي يتلخص في تسجيل بطء الاصلاحات الاقتصادية ومشاكل على مستوى هيكلة الاقتصاد وتفاقم في العجز، وأن أساسيات الاقتصاد اليوم ضُربت من خلال تفاقم عجز الميزان التجاري والتضخم المالي وتراجع الدينار التونسي، واقترحنا عليه وضع الملف الاقتصادي كأولوية قصوى خلال هذه المرحلة والمرحلة القادمة خاصة وأنه منذ سنة 2011 والسنوات التي تلتها كان الملف الاقتصادي في مستوى ثانوي وكان الاهتمام بالدرجة الاولى بالسياسة وصياغة الدستور وهو ما كان في تقييمنا غلطة كبيرة".
وتابع: "ولمسنا لديه تجاوبا مع هذا التشخيص إذ أكد أنه عن نفسه موافق على أنه حان الوقت لإعطاء الأولوية الكبرى للاصلاحات الاقتصادية حتى نستطيع استكمال البناء الديمقراطي، وقدمنا له بعض الاقتراحات حتى يقع التسريع بالاصلاحات اللازمة في سبيل استرجاع الدينار التونسي عافيته وخلق التوازن على مستوى الموازين العامة في البلاد، إضافة إلى ضرورة إحداث المجلس الأعلى للديبلوماسية الاقتصادية خاصة وانها من صلاحاياته كرئيس جمهورية لاسترجاع صورة تونس في الخارج وتنشيطها".
أما عن كواليس اللقاء وتقييم رئيس الجمهورية للأوضاع السياسية التي اتسمت مؤخرا بالتعقيد، فأفاد محدثنا بأن الملفت للانتباه في بداية اللقاء كان ردّ السبسي عند سؤاله عن احواله وصحته والذي قال فيه: "منحسش روحي لاباس خاطر وضع البلاد ميعجبش وكي تبدى البلاد موش لاباس أنا منبداش لاباس".
وشدد الجودي في المقابل على أن هذا التقييم لم يحمل نبرة إحباط أو تنازل عن المسؤولية بقدر ما كشف عن وعي رئيس الدولة بكل صغيرة وكبيرة تجري في البلاد، خاصة وأنه كان على اطلاع على آخر الموشرات الاقتصادية والمالية، واعتبر أنه حان الوقت لتحقيق توافق وطني مع كامل الهياكل الفاعلة في المجال الاقتصادي والمالي وترك السياسة وتجاذباتها على حدة والاهتمام بالملف الاقتصادي كمصلحة عليا وأولوية قصوى، حسب تعبيره.