يسرى الشيخاوي-
في الآونة الأخيرة لا يخلو الحديث عن الصين من ذكر "كورونا"، الفيروس الذي هز العالم منذ ان اطل عليه برأسه اللعين ذات شتاء، وفي ضفة أخرى ألهمت الصين زوجان تونسيان ليؤسسا مشروعا هو الأوّل من نوعه في شمال إفريقيا.
الأستاذان المتخصصان في اللغة الصينية خالد حاج أحمد وسماح محمد قرشي عبد القادر، أغوتهما الثقافة الصينية فهاما بها وكانت نواة لمشروع دار "معارف شرقية " للنشر، دار بمثابة أجنحة تمتد من تونس إلى الصين، ومن القارة الإفريقية إلى القارة الآسوية.
وفي حديثه عن هذا المشروع، يقول الدكتور خالد حاج أحمد إنّه وزوجته يتقاسمان الولع بالشأن الثقافي واللغوي وكانت اللغة الصينية محل اهتمامها خاصة وأنهما قضيا ما يقارب السبع سنوات في الدراسة والعمل في الصين.
وبعد عودتهما من الصين لم يكتفيا بالتدريس قي المعهد العالي للغات، وإنّما حوّلا شغفهما باللغة والترجمة إلى مشروع "معارف شرقية"، وهي دار للنشر لا تتخصص في نشر كتب أو مؤلفات وإنما نشر الثقافة التونسية العربية في الصين وآسيا ونشر الثقافة لآسوية الصينية في تونس والعالم العربي، وفق قول حاج أحمد.
زادهما شغف بالثقافة وتمكن من اللغتين الصينية والعربية، كانت الإنطلاقة بترجمة سلسة القصص الاسطورية الصينية التي تضم ستة عناوين ومن المنتظر ترجمة ستة عناوين أخرى في السنة المقبلة.
رواية " صدى صوت أمي" ومعجم تعليمي للغة الصينية أوّل من نوعه، هي أيضا إصدارات لمعارف شرقية سبقت الإصدار الأخير " جاك ما وعلي بابا مسيرة حياة ونجاح"، وه يندرج ضمن سلسلة بأربع كتب تروي قصص حياة رموز الأقتصاد في الصين، حصب حديث صاحب ادار "معارف شرقية".
أما عن الإضافة التي قد تقدّمها هذه الإصدارات، يشير إلى أن هذه النوعية من العناوين من الممكن ان تنعكس إيجابا على الشباب التونسي وتكون له شحنة وحافزا ليعوّل على قدراته ولا ينتظر غيره أو الدولة لينطلق في تحقيق احلامه.
وجاك ما شخصية عادية ذاقت الفشل في الدراسة خاصة في مادة الرياضيات ولكن ذلك لم يكن عائقا ليرسم طريقه نحو الثراء إذ كان يلتحم بالسياح ليتعلّم اللغة الانقليزية ويطوّرها، ورغم فشله في إيجاد عمل إلا أنّه لم ييأس إلى ان أفلح في استثمار علاقاته مع بعض السياح الأمريكيين والسفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث اكتشف التجارة الالكترونية وأسّس امبراطورية علي بابا، وفق حديث الدكتور خالد حاج أحمد.
على عكس الآراء القائلة بعدم وجود نقاط مشتركة بين الثقافات الآسوية والعربية، يشير محدّثنا إلى أنّ السبع سنوات التي قضّاها في الصين جيث تعمّق في اللغة ولثقافة كشفت له عن تقارب في عدّة عادات وتقاليد.
وعن الصعوبات التي تواجهها دار النشر، يقول الدكتور خالد حاج أحمد إن التسويق صعب جدّا ولكن بعد المشاركة في معارض في تونس والجزائر تبيّن أن هناك فئة من القراء المولعة بالثقافات "البعيدة" بما فيها الصين وتسعد بالإطلاع عليها.
فيما يخص الترجمة، لا تعترض دار معارف شرقية أية صعوبات باستثناء الكتب التاريخية التي تتطلب جهدا في ترجمة بعض المفردات والتعابير الدقيقة خاصة وان الحفاظ على جودة الكتب وروحها هو الشاغل الأوكد، حسب حديث حاج أحمد.
رغم أن الزوجين بحثا عن جهات تتعاون معهم في المجال الذي اختراه إلا أنّهما خابا ولكنّهما لم ييأسا ومضيا قدما في تحقيق حلمهما دون ان يتلقيا مساعدة أو دعما حتى مطلب الدعم على الورق الذي تقدّما به رفض، وفق قول محدّثنا.
في الأثناء، يحضن الزوجان حلمهما ويلاحقان خيوط الامل عبر البحث عن دور نشر صينية يرسيان معها صيغ تعاون ويعوّلان على فئة معيّنة من القراء في بداية طريق مؤسستهما الفتية.
وإن كانت البداية بترجمة أعمال صينية إلى اللغة العربية، فمن المنتظر ان تنطلق "معارف للنشر" بترجمة أعمال أدبية تونسية إلى الصينية على ان تكون البداية مع الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي.