مشيشي يُذيب الجليد أم يدفع بسعيد إلى المسؤولية الكبرى؟

 بسام حمدي-

لا يخلو القرار الذي أعلنه رئيس الحكومة هشام مشيشي المتعلق بتعديل توقيت فرض حظر التجوال، استجابة لطلب رئيس الجمهورية قيس سعيد، من دلالات وأبعاد سياسية متنوعة ترتبط كثيرا بتقلبات المشهد السياسي وبأزمة القطيعة بين رئاستي الجمهورية والحكومة وكذلك بأداء حكومة ثلث وزرائها بالنيابة.

 

حكومة تتراجع عن قرار اتخذته بعد أربعة أيام فقط من إقراره، وعدلت من توقيت فرض حظر التجوال، اليوم السبت، انطلاقا من الساعة العاشرة ليلا بدلا من السابعة مساء.

 

ولم يُتخذ قرار تعديل توقيت فرض حظر التجوال دون التمهيد له مسبقا بل كان مرتقبا ومعلنا عنه من قبل رئيس الحكومة قبل اتخاذه بصفة نهائية، وربما كان بمثابة فرصة سياسية سانحة للمشيشي لتعديل بعض الأوتار أو لتخفيف العبء عليه.

 

 القرار جاء مسبقا بتصريحات متكررة من رئيس الحكومة يؤكد ضمنها استجابته لطلب رئيس الجمهورية قيس سعيد، وفي ذلك دلالات سياسية واتصالية توحي إلى أنه (مشيشي) كونه غير متعسف على خيارات قيس سعيد، مطبقا لما دعاه إليه سعيد خلال محادثة خاطفة جمعتهما على هامش احياء ذكرى عيد الشهداء.

 

وبعد أن أظهر رئيس الحكومة نفسه خلال هذه المحادثة مستندا فقط إلى توصيات اللجنة العلمية لمجابهة كورونا دون غيرها، استدرك الأمر وسارع إلى الإعلان عن اعتماده توصيات الرجل الذي مهد له طريق الوصول إلى قصر القصبة.

 

إزاء حرصه على تكرار وتأكيد استجابته لسعيد، بدى هشام مشيشي راغبا في فتح باب الودّ بين رئاستي الجمهورية والحكومة، والتقليص من هوّة الخلافات بينهما، والبدء في إنهاء فترة القطيعة بينهما للدخول في مرحلة جديدة تضمن له البقاء على رأس الحكومة.

 

وقد يكون مشيشي بتعديله توقيت حظر التجوال راغبا في تعديل علاقته مع سعيّد واستعادة ثقته فيه مجددا ورأب الصدع بينهما ولنيل ثقته مجددا خاصة بعد تعثر أداء حكومته بسبب تعطل التعديل الوزاري الذي أجراه.

 

ولا تدحض هذه القراءة، فرضية أخرى قد يكون مشيشي قد توخاها لتخفيف العبء عليه وهي الدفع بسعيد إلى صلب المعركة ضد العدو الخفي "فيروس كورونا"، من خلال اتباع خياره الداعي إلى التخفيض من ساعات حظر التجوال خلال فترة رمضان التي ترتفع فيها الاجتماعات الشعبية وتتقلص فيها اجراءات التباعد الاجتماعي وتحميله المسؤولية الكاملة لما سيرتب عن هذا القرار من تبعات صحية.

 

وهذه الفرضية، رغم قساوتها، لا تبدو مستبعدة خاصة إذا ما أشرنا إلى أن تونس أضحت محتلة بحب الذوات والأنانية السياسية المفرطة.

 

وبكل تأكيد، ما أثبته قرار تعديل توقيت حظر التجوال بعد أربعة أيام فقط من اتخاذ قرار أول، هو ارتباك الأداء الحكومي وعدم قدرة حكومة مشيشي على اتخاذ قرارات حاسمة ونهائية في ظل شغور الكثير من حقائبها الوزارية بسبب حالة العطالة والفراغ الناجم عن التعديل الوزاري الذي فرضته حركة النهضة وقلب تونس.

 

 

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.