مسارح ومعابد ومنازل تحت أرضية: مدينة “بلاريجيا” الأثرية.. حضارة شامخة (صور)

في ولاية جندوبة أقصى الشمال الغربي لتونس، تتربع مدينة بلاريجيا، بآثارها الخالدة إلى اليوم والشاهدة على تاريخها وثرائها وشموخ حضارتها، وهي تحث كل من يزورها على الغوص في أعماقها وسبر أغوارها وكُنه أسرارها.

بلاريجيا أو "بُولاّ"، هي من أجمل وأروع المواقع الأثرية بالشمال الغربي التونسي، بشهادة الباحثين، ويرقى تاريخها إلى أواخر القرن الخامس وبداية القرن الرابع قبل الميلاد، وقد اختارت وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية الترويج لها والتعريف بها والحث على زيارتها، من خلال تنظيم "زيارة ميدانية مؤطرة" لفائدة الصحفيين لموقعي بلاريجيا وشمتو، الاربعاء 08 مارس 2023 بحضور والي جندوبة سمير كوكة. وهي سنّة حميدة دأبت عليها الوكالة تحت اشراف وزارة الشؤون الثقافية، لترسيخ التراث الثقافي والحضاري الذي تزحر به تونس وتثمينه والترويج له ودعم اللامركزية الثقافية.

كان يوم الزيارة للموقع مليئا بعبق التاريخ وبالفن والتراث، خاصة مع حرص القائمين على الوكالة على إضفاء طابع تقليدي محلّي مميّز للزيارة من خلال تنظيم وصلات فنية من تراث ولاية جندوبة، ومعرض لحرفيات الجهة قدّمن فيه منتوجاتهن من "حلي المرجان" و"الزربية الخميرية" و"الزيوت الطبيعية" و"تمليس الطين" و"اللباس التقليدي المحلي"، وهي منتوجات يدوية حرصن من خلالها الحرفيات على اضفاء الطابع المحلي وخصوصيات الجهة المميزة.

انطلقت الجولة داخل ربوع مدينة بلاريجيا الأثرية بمرافقة الأستاذ محي الدين الشوالي، أستاذ البحوث التاريخية والأثرية بالمعهد الوطني للتراث والمتفقد الأثري بالمواقع الاثرية بالشمال الغربي، حيث بين أن هذه المدينة تعاقبت عليها عدّة حضارات وهي النوميدية والبونية والرومانية والوندالية والبيزنطية، مضيفا أن ماهو موجود في الموقع يرقى إلى فترة العصر الذهبي لبيلاريجيا وتقريبا من القرون الثانية الى السادسة ميلادي.

ومن أهم ما يمكن زيارته داخل الموقع، وفقا للأستاذ محي الدين، هو مسارحه (المسرح الدائري والمسرح نصف الدائري) كذلك المعابد (معبد الالهة ايزيس) والساحة العمومية والحمامات.

لكن تبقى المنازل تحت أرضية الصامدة إلى اليوم أهم ما يميّز موقع بلاريجيا، فهي منازل أرضية لا مثيل لها في العالم في تلك الفترة، على غرار "منزل الالهة فينوس" و"منزل الصيد البري والبحري" و"منزل الصيد الجديد" و"منزل الطاووس" و"منزل الكنز"، وأخذت جميع هذه المنازل تسمياتها من أهم ما وقع اكتشافه داخلها. فـ"منزل الكنز" مثلا سمي بهذا الاسم بعد العثور على 69 قطعة نقدية داخله في السنوات الخمسين، وفقا لمحي الدين الشوالي.

وأصل تسمية بلاريجيا هي "بولاّ" أمّا "ريغيا" فهي نعت، و"بولا" هي تسمية نوميدية بربرية وتعني الملكيّة، و"ريغيا" هو نعت وقع اضافته في الفترة الرومانية.

والزائر إلى موقع بلاريجيا سيلفت انتباهه أرضية منازله وجدرانها المزخرفة بالفسيفساء الرومانية وقد رُسمت عليها لوحات عجيبة تحكي جوانب من حياة عصرها. كما ستلفت انتباهه أعمدة المدينة الشامخة والصامدة لالاف السنين، والتي تحكي عظمة مُهندسيها وفن العمارة والبناء الذي كان في العهود القرطاجنية والرومانيّة والبيزنطيّة، الذي كان صلبا قويا لا تؤثر فيه عوامل الزمن، فكانت النتيجة أثارا خالدة إلى اليوم تحكي عظمة من سبقونا ومدى التطور والازدهار والحضارة التي كانوا يعيشونها.

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.