مدرسة ضباط الصف ببنزرت: مؤسسة عسكرية بطعم الوطن (صور)

  أمل الصامت –

"بيض صنائعنا.. سود وقائعنا" هو الشعار الذي يلفت انتباهك بمجرد أن تطأ قدمك أرض ثكنة شهيد معركة الجلاء الملازم هادي والي، والتي تعدّ المقر الرسمي لمدرسة ضباط الصف ببنزرت.

نساء ورجال نظراتهم تعكس فخرا وشموخا لا مثيل له. ربما هو فخر تلك البدلة الخضراء لونها، لون أرض تونس الحبيبة، أو لعله شموخ الحفاظ على القسم لتكون تونس حرّة منيعة أبد الدهر.

كان هذا الانطباع الأول الذي حفر ذاكرتي في زيارة الوفد الاعلامي لمدرسة ضباط الصف ببنزرت والتي شاركت فيها حقائق أون لاين، قبل أن يقوم مجموعة من تلاميذ المدرسة بعرض اهتزت له أرجاء المكان، واقشعرّت له الأبدان حتى أن البعض سالت عبراتهم وكأنه اللقاء الأول بين حبيبين بعد طول غياب.. نعم إنه مذاق لقاء الحبيبة تونس بطعم وطنية "العسكر".

تلك الحناجر التي صدحت بنص القسم الذي يبدأ بوعد "التفاني في خدمة الوطن" وينتهي بعهد "بقاء تونس حرة منيعة أبد الدهر"، وتلك الخطوات المنضبطة كأنها إيقاع نبضات القلب في الجسم، وتلك الرؤوس الشامخة التي تحسب أنها لا تنحني أبدا وتلك النظرات الثاقبة وكأن أصحابها يقولون إنهم لن يستسلموا أبدا حتى وإن كان الموت مصيرهم… كل ذلك يجعلك تلامس المعنى الحقيقي لحبّ الوطن.

التأسيس والمهام

يعود تأسيس مدرسة ضباط الصف التابعة لجيش البرّ لسنة 1956 كأول مدرسة لتكوين وتدريب العسكريين تبعث بعد أشهر قليلة من الاستقلال، حيث كان مقرها في البداية باردو قبل ان يتم تحويلها سنة 1957 إلى منوبة (المتحف العسكري بمنوبة حاليا)، وفي سنة 1958 تم نقلها الى فندق الجديد (الأكاديمية العسكرية حاليا)، ليتم تحويلها إلى ثكنة "Japy" ببنزرت سنة 1967 والتي تم تسميتها يوم 20 مارس من نفس السنة بثكنة الشهيد هادي والي أول المتخرجين من المدرسة في دورتها التكوينية الأولى.

ويشرف على المدرسة آمر يساعده في مهامه ضابط أول عمليات، للاشراف على عمل 4 حضائر (حضيرة الأفراد والإدارة، حضيرة الاستعلامات والامن، إدارة التدريب وحضيرة الوجستيك) إضافة إلى وحدة إسناد و5 سرايا.

وحسب العرض الذي قدمه آمر المدرسة العقيد محمود الدعدي للوفد الصحفي، فتنقسم مهام المدرسة لمهمة خصوصية تتمثل في تأمين التكوين العسكري والبدني الأساسي للتلامذة ضباط الصف المباشرين لفائدة جيش البرّ والإدارات والمصالح المشتركة، إضافة إلى مهامها المشتركة من خلال المشاركة في حماية الشريط الساحلي بقطاع المسؤولية ومقاومة الكوارث الطبيعية وحفظ النظام.

مراحل التكوين

ويمرّ التكوين بمدرسة ضباط الصف ببنزرت بـ3 مراحل تمتد على 42 أسبوعا، 11 أسبوعا منها للتكوين الأساسي "للمقاتل الفردي" وهي المرحلة التي سماها العقيد الدعدي بـ"مرحلة الغربلة" حيث يتم فيها تقييم مدى قدرة التلميذ على الصمود وتحمل مشاق العمل العسكري وتحدياته سواء من الناحية البدنية او النفسية، علما وأنه يمكن للتلميذ الانسحاب في أي مرحلة من مراحل التكوين دون إجباره على إرجاع المصاريف التي تم إنفاقها من قبل الدولة لفائدته.

أما المرحلة الثانية فهي مرحلة تكوين الرتيب ليكون قادرا على قيادة زمرة بـ4 أفراد وتستمر على مدى 14 أسبوعا، تليها 17 أسبوعا مخصصة لمرحلة التكوين في مختلف الأسلحة للحصول على ضابط صف قادر على قيادة حضيرة تتكون من 10 أفراد تنسب إليه فور تخرجه رتبة عريف، مع الإشارة إلى ان الفتيات اللواتي يمثلن حوالي 6% من ضباط الصف المنتدبين يخضعن إلى نفس التدريبات التي يخضع إليها المتدربون من الذكور.

وتشهد مناظرة الدخول إلى مدرسة ضباط الصف ببنزرت كل سنة تقريبا نسبة إقبال كبيرة، حيث تخرج منها على مدى 61 دورة 26 ألف تلميذ ضابط صف 80% منهم عبر الانتداب الخارجي، فيما عرفت السنة الدراسية الحالية تسجيل 600 تلميذ مدني بينهم 18 فتاة، غادر منهم 35 شابا خلال مرحلة التكوين الاساسي نظرا لعدم قدرتهم على التأقلم مع متطلبات التدريب التي تفرضها المدرسة.

ويجب على الراغب في المشاركة في مناظرة الانتداب بمدرسة ضباط الصف ببنزرت أن يكون تونسيا اعزبا لا يقل سنه عن 18 سنة ولا يزيد عن 23 سنة وصالحا للخدمة العسكرية، على ان يكون مستواه التعليمي رابعة ثانوي منهاة او متحصلا على الباكالوريا بالنسبة للشعب الدراسية، أو أن يكون متحصلا على شهادة تقني مهني بالنسبة للشعب المهنية، حيث من المنتظر نشر بلاغ انتداب مدنيين للتكوين في المدرسة لسنة 2019 /2020، وفق ما أكده العقيد محمود الدعدي.

برامج وأهداف

وتهدف مدرسة ضباط الصف ببنزرت إلى إكساب التلاميذ المعارف والمهارات الضرورية الأساسية التي تؤهلهم للاندماج صلب الحياة العسكرية والاضطلاع بخطة آمر حضيرة قتال، وبالتالي تدعيم الوحدات العسكرية بضباط صف يتحلون بالانضباط وبروح البذل والعطاء والتفاني في العمل والاستعداد الدائم للقيام بالواجب بكل صدق وأمانة.

هذا واكد العقيد محمود الدعدي عدم نزول أي عسكري على الميدان دون خضوعه للتكوين اللازم سواء كان من الناحية العسكرية أو في مجال اختصاصه، باعتبار ان التلميذ الذي يتخرج من مدرسة ضباط الصف يخضع لتكوين ثان في اختصاص يختاره بعد ان يكون قد تلقى التكوين الاساسي والشامل في كل ما يهم العسكري للعمل على الميدان بالإضافة إلى تلقيه دروسا في مجال الاعلامية واللغات والتكوين الديني الذي يشرف عليه وعاّظ تابعين لوزراة الشؤون الدينية.

ويخضع تلاميذ المدرسة إلى اختبارات نفسية دورية طيلة السنة الدراسية من قبل فريق مختص للاحاطة به ومساعدته على تجاوز بعض الصعوبات التي قد يتعرّض لها لسبب ما، وفق ذات المصدر.

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.