محادثات قرطاج وقرارات باردو: سلطة الجملي بيد الغنوشي

 بسام حمدي-

لا شيء يوحي بانطلاق المشاورات الفعلية لتكوين تركيبة الحكومة الجديدة في قصر الضيافة بقرطاج، واقتصرت المحادثات الموسّعة التي أجراها رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي على لقاءات تعارف بينه وبين ممثلي الأحزاب، في وقت تتوجه الأنظار إلى لقاءات يجريها حاكم قصر باردو، زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، مع بعض قادة الأحزاب المعنية بالمشاركة في الحكم.

ماراطون حوارات مكثفة اعتمد فيه الحبيب الجملي منهجية جديدة شملت كل القوى المتواجدة في المشهد السياسي في محاولة منه لاسترضاء كل الأطراف حتى لا ترفع في وجهه الفيتو البرلماني وليعطي انطباعا أن حكومته ستكون حكومة وحدة وطنية.

وأفضل ما خلُصت إليه اجتماعات قرطاج، أن الرجل المكلف بتشكيل الحكومة أصبح معروفا لدى مكونات المشهد السياسي ومعلوم الخيارات لدى الأحزاب والمنظمات الوطنية.

وأثبت تصريح رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي أن اللقاءات التي أدارها في قرطاج، هي مجرد جلسات لم تتطرق البتة إلى تركيبة الحكومة الجديدة بعد أسبوعين من تكليفه، وتضمن إقرارا كونها صورة من صور تجسيد أحكام الدستور تُجرى بالتزامن مع توافقات سياسية تُدبّر بليل بتزكية من  زعيم الحزب الإسلامي راشد الغنوشي قائد غرفة التحكم في مسار تكوين الائتلاف الحاكم.

وتختلف مشاورات قرطاج عن قرارات باردو، فتوضّح كل المؤشرات أن توجهات الحبيب الجملي لا تتطابق مع قرارات رئيس الحزب الذي رشحه لرئاسة الحكومة، فبينما يوسّع دائرة المشاورات، تقتصر لقاءات الغنوشي على 4 أو 5 أحزاب فقط.

 وفي الوقت الذي يسابق فيه الحبيب الجملي الزمن لتجميع 109 صوت في مجلس نواب الشعب لحصول حكومته على الثقة ويكثف جلساته في قرطاج لنيل سند سياسي واسع، يمسك رئيس مجلس نواب الشعب، وزعيم النهضة راشد الغنوشي، بسلطة القرار وبجدية المحادثات ليُضيّق دائرة محادثاته المتعلقة بتكوين الائتلاف الحاكم فيعقد لقاءاته غير المعلنة مع بعض قادة الأحزاب المشمولة بمشاركة حزبه في الحكم دون التواصل مع الأطراف ذات الوزن البرلماني الضعيف.

ويظل شيخ النهضة اللاعب الرئيسي في مسار تشكيل الحكومة، ليستمر في مراوغاته السياسية، وقرر استثناء حزب قلب تونس لرئيسه نبيل القروي من المشاركة في الحكم، رغم جلوس قياداته الى رئيس الحكومة المكلف  في قرطاج، كما يقرر تكوين ائتلاف حاكم تشكله أحزاب النهضة وحركة الشعب وحزب التيار الديمقراطي وحزب تحيا تونس وائتلاف الكرامة.

دستوريا سيشرف  الحبيب الجملي على إدارة مسار تكوين الائتلاف الحاكم الجديد، لكن ستظل سلطة القرارات السياسية بيد رب بيته السياسي راشد الغنوشي، فلن تكون لقاءات دار الضيافة بين الجملي والأحزاب إلا خطوة تمهيدية لشوط ثان من المشاورات سيُجرى على ضوء التوافقات التي سيُحصّلها الغنوشي.

 وستكون كلمة الحسم الأخيرة بيد الغنوشي مهندس نظرية التوافق، وستمهّد قرارته وخياراته مع الأحزاب الطريق أمام الجملي للانطلاق في تحديد الشخصيات المرشحة لتقلد مناصب وزارية.

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.