سلوى الغزواني: الاعلام أصبح مؤخرا محلا للمزايدات السياسية.. ورسالتنا للحكومة واضحة بخصوص مجلس الصحافة

 أمل الصامت –

أطلقت منظمة المادة 19 منذ شهر أوت المنقضي حملة توعوية تحت شعار "إعلامنا مرايتنا"، في إطار التعريف بمفهومي التعديل والتعديل الذاتي لوسائل الاعلام ودورهما في تعزيز حرية التعبير والصحافة والاعلام، وذلك من خلال نشر ومضات تفسيرية على صفحتها الرسمية على الفايسبوك وتنظيم عدد من المنتديات الرقمية بالشراكة مع النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري. 

ولقد اختتمت هذه الحملة أياما قليلة بعد الاعلان عن تأسيس مجلس الصحافة الذي يعتبر آلية من الآليات الأساسية لتنظيم التعديل الذاتي للمؤسسات الاعلامية للحد من الانحرافات التي يمكن تسجيلها في إطار أخلاقيات المهنة المفروضة في القطاع.

وفي حوار خصت به حقائق أون لاين، قدمت مديرة مكتب منظمة "المادة 19" بشمال إفريقيا والشرق الأوسط سلوى الغزواني تقييمها الأولي لمدى فاعلية الحملة التوعوية وتحقيق الأهداف المرجوة، كما تحدثت عن دور مجلس الصحافة الذي استغرق ما يزيد عن 8 سنوات من النقاشات بين الفاعلين والشركاء في القطاع، في تطوير جودة المادة الاعلامية والصحفية المقدمة للجمهور بحيث تكون قائمة على استقلالية الصحفي والمؤسسة الاعلامية.

وفي ما يلي نص الحوار:

"إعلامنا مرايتنا".. كيف انطلقت الفكرة وماهي أهدافها الأساسية؟

الفكرة انطلقت في إطار حملة حملة توعوية وتفسيرية كانت موجهة في المستوى الأول للصحفيين والمؤسسات الاعلامية لتعديل بعض المفاهيم التي تبدو غامضة لدى البعض حول دور الهياكل التي تسهر على ضمان التعديل والتعديل الذاتي لوسائل الاعلام والممثلة أساسا في الهايكا ومجلس الصحافة.

ولعل الفترة الانتقالية التي كانت تمر بها الهايكا وما كان يشهده مجلس الصحافة من لمسات أخيرة للاعلان عنه بصفة رسمية كان محفزا لفكرة الحملة للخوض في المسائل المتعلقة بكلا الهيكلين.. ففي علاقة بالهايكا كنا أمام تحدي ضمان إحداث هيئة دستورية لا يستطيع المسار التشريعي الحد من استقلاليتها وذلك طبقا للمعايير الدولية المعتمدة في التجارب المقارنة وحسب الأحكام المضمنة في الدستور، أما بالنسبة لمجلس الصحافة فكان لابد من التعرض لمسألة التمويل والذي يمكن أن يكون ورقة ضغط ويحيد بالمجلس عن دوره الأساسي.

كما تطرقت الحملة لمجموعة من المواضيع ذات العلاقة بأهمية حرية الاعلام واستقلالية الصحفي ركيزتهما في ذلك هيئات تعديلية تكون هي بدورها مستقلة، بهدف حصول الرأي العام على الخبر الدقيق وفق المعايير التي تقتضيها أخلاقيات المهنة الصحفية والقوانين المعمول بها في القطاع وذلك من خلال ضمان تسلح الصحفي ووسائل الاعلام بمفاهيم التعديل والتعديل الذاتي والالمام بالنصوص التشريعية واخلاقيات المهنة والزاد الحقوقي والمعرفي، إضافة إلى ضمان التزامات الدولة تجاه الاعلام من خلال توفير التمويل العمومي دون أن يكون ذلك ورقة للحد من حرية التعبير أو استقلالية الاعلام.

اليوم وقد تم اختتام الحملة.. كيف تقيمون صداها؟

يمكن الخروج بتقييم اولي تفرضه ردود الأفعال التي تلت إحداث مجلس الصحافة سواء من خلال المضامين السمعية والبصرية أو المقالات الصحفية، والتي تعكس في المطلق ترحيبا ونوعا من الرضا، وتعلق آمالا كبيرة على هذا الهيكل، في المقابل هناك ردود أفعال على مواقع التواصل الاجتماعي لصحفيين ومختصين في المجال الاعلامي وحتى لدى الجمهور العريض تتراوح بين الرفض والتأييد، فهناك من أهل المجال من ثمن تركيبة المجلس وهناك من أبدى تحفظات على بعض الأعضاء أو على ظروف التأسيس… 

كل هذا يعتبر مؤشرات صحية وإيجابية، قد تكون الحملة ساهمت في شيء منها من خلال تعديل المفاهيم التي كانت غامضة في اذهان البعض وحتى مغلوطة.. ولا ننسى أن المجلس يستمد شرعيته تباعا من الصحفي ووسائل الاعلام والسلطة والجمهور لذلك لا بد أن يستمع لمختلف الآراء ويحاول التعديل وتلافي النقائص.

وفي النهاية لا أعتقد أن أعضاء المجلس بوصفهم مجموعة من المتطوعين جاءت لتبذير وقتها ومجهودها لغير مصلحة القطاع، وهو ما عملت الحملة على تفسيره للمتلقي من خلال إبراز دور التعديل الذاتي والهيكل المشرف على تكريسه.

أشرت إلى التزامات الدولة في مجال الاعلام والصحافة.. كيف تقيمون في المنظمة دور الدولة في تكريس المبادئ الأساسية للقطاع؟

الملاحظ عموما خلال الفترة الأخيرة أن الاعلام أصبح محلا للمزايدات السياسية، وذلك بالنظر إلى المسار التشريعي المعتمد في عهد حكومة الفخفاخ من سحب لمشروع القانون المتعلق بتنظيم الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري الذي سبق وصادقت عليه حكومة الشاهد، ثم ادخال تعديلات عليه في الوقت الذي اعد فيه ائتلاف الكرامة مبادرة تشريعية صلب أروقة البرلمان لتعديل المرسوم 116 بهدف إلغاء إلزامية الحصول على تراخيص من الهيئة الدستورية لبعث قناة إذاعية أو تلفزية، والذي واجه موجة من الانتقادات والرفض من قبل عديد الأطراف الحزبية والمنظماتية ومن اهل القطاع انفسهم.

وفي الحقيقة كانت من أهداف حملة "إعلامنا مرايتنا" إبقاء مفهوم التعديل المستقل قائما ولا يتوه في خضم المبادرات التشريعية المتضاربة، وعدم ضياع الحق في إعلام مستقل وقطاع إعلامي منظم في إطار خصومات سياسية ضيقة، خاصة وأن حرية التعبير والاعلام لا تهم الصحفي أو المؤسسة الصحفية فقط بل تشمل أيضا الصالح العام.

المطلوب من السلطة والدولة عموما في الوقت الحالي ابقاء الاعلام بعيدا عن التجاذبات السياسية في مرتبة أولى، إضافة إلى توفير التمويل العمومي لتسهيل مهام المؤسسات التي تسهر على التعديل والتعديل الذاتي لوسائل الاعلام سواء السمعية أو البصرية أو الورقية أو الالكترونية دون استغلال ذلك كورقة ضغط للتضييق على الحريات والاستقلالية، باعتبار أن أي دولة ديمقراطية تقوم على صحافة حرة وقضاء مستقل.

ولعل عدم الالتزام بالتعديل وضعف الوعي بالتعديل الذاتي صلب وسائل الاعلام كان سببا من أسباب تذليل دور الصحفي والاعلام عموما مما فتح المجال أمام العنف اللفظي والمادي والتهجم المجاني على الصحفيين، وهو ما يتطلب بقطع النظر عن التشخيص عودة تثمين دور الصحفي والاعلام في تطوير الوضع العام للبلاد، ومن هذا المنطلق يأتي دور مؤسسات التعديل والتعديل الذاتي في القطاع ومدى التزام الدولة بدورها في تذليل الصعوبات أمام عملها.

قد تكون الرؤية واضحة بالنسبة للهايكا، لكن لا يبدو الامر مماثلا على مستوى مجلس الصحافة خاصة في علاقة بالتمويل.. هل ترون في ذلك عائقا أمام تأدية المجلس لما تأسس من أجله؟

بعيدا عن الحملة تطرقت منظمة المادة 19 لموضوع تمويل مجلس الصحافة خلال نقاشات مشتركة مع جامعة مديري الصحف ونقابة الصحفيين والشركاء في القطاع، وحسب المعايير الدولية المعمول بها بما يضمن مصداقية عمل المجلس وشفافيته فإن القانون الأساسي للمجلس ينص على توفير الدولة لـ 50% من قيمة الميزانية فيما تقسم البقية بين موارد ذاتية للمجلس من خلال معلوم انخراط الصحفي ومعلوم انخراط المؤسسة، وما يمكن أن توفره الهبات والمنح وشركاء المجلس وفق شروط محددة تضمن دائما الاستقلالية والشفافية في العمل.

رسالتنا للحكومة في هذا الإطار واضحة، إذ على الحكومة توفير الدعم العمومي الفوري لمجلس الصحافة خاصة وأن المبلغ ليس كبيرا أو من شأنه تعميق الازمة الاقتصادية العامة للبلاد، بقدر ما له دور في التسريع بانطلاق العمل الفعلي للمجلس وتطوير دور الصحافة.

لمحة عن مضمون الومضات التفسيرية ضمن حملة "إعلامنا مرايتنا":

 

 

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.