متى يتوقّف نزيف الاعتداءات على المواقع الأثرية بقرطاج؟

يسرى الشيخاوي-
 
مازال ملف الاعتداء على المواقع الأثرية بقرطاج يثير إلى اليوم جدلا واسعا، وسط تحذيرات من ناشطين في المجتمع المدني من مغبّة عدم تدخّل السلطات المعنية لوقف هذا النزيف، خاصة أن تواصل هذه الاعتداءات فيه تهديد بخروجها  من التصنيف العالمي لليونسكو.
 
ووجه نشطاء في المجتمع المدني، نداءات استغاثة إلى السلطة المحلّية والمركزية ووزارة الثقافة للتدخّل من أجل وضع حدّ  للاعتداءات على الموانئ البونيقية التي تعاني أصلا من مشكل في الصيانة، ناهيط عن البناء الفوضوي الذي يهدّد الذاكرة التاريخية.
 
ولئن أصدرت بلدية قرطاج في أكثر من مناسبة قرارات بهدم بناءات مخالفة توسّعت على حساب الآثار، إلا أنّ هذه القرارات تظلّ في كل مرّة حبرا على ورق، وهو الأمر الذي دفع المساعد الأول لرئيس بلدية قرطاج محمد علي الحمامي إلى الاستقالة من رئاسة لجنة المحافظة وتثمين التراث.
 
قرارات بالهدم مع وقف التنفيذ..
 
وقد أرجع محمد علي الحمامي أسباب استقالته إلى  عدم توصل هذه لجنة المحافظة وتثمين التراث إلى تحقيق النتائج التي احدثت من اجلها خاصة  منها التوصل الى انقاذ قرطاج من السحب من قائمة التراث العالمي بسبب الاعتداءات على المواقع والاراضي المصنفة اثرية.
 
ومن اهم الاسباب التي اعاقت اللجنة، وفق ما ورد في نص استقالة الحمامي، عدم استقلاليتها في اتخاذ القرارات لتفعيل هدم البناءات المحدثة فوق الاراضي المصنفة اثرية قصد اعطاء اشارة ايجابية لليونسكو ان السلطة المحلية أي بلدية قرطاج تتعامل بجدية مع المحافظة على التراث القرطاجني.
 
وأشار  الحمامي إلى أنّ اللجنة لم تتمكن من القيام بالاجراءات الضرورية للضغط على السلط المعنية بالمحافظة على التراث قصد اعداد مثال للمحافظة وتثمين موقع قرطاج وذلك لعدم توفر الارادة من رئيسة اابلدية التي تمضي كل المراسلات دون متابعة إلى جانب مراسلة السلط المكلفة بالامن لتوفير اليات التنفيذ من معدات واعوان امنية وتحديد موعد لذلك.
 
جريمة..
 
ومن جهته اعتبر  المستشار البلدي ببلدية قرطاج زياد الهاني الهاني أن ما يُرتكب في قرطاج جريمة، مطالبا تفقدية وزارة الداخلية بمتابعة أعمال وأشغال الشرطة البلدية في قرطاج.
 
وأكّد الهاني، في تصريح لإذاعة  شمس أفم أم، وجود 300 قرار هدم صدر منذ 2011 وإلى اليوم لبناءات شُيدت على مواقع أثرية في الجهة.
 
ودعا وكيل الجمهورية والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد إلى فتح ملف البناءات العشوائية على مواقع أثرية بقرطاج، منتقدا المعهد الوطني للتراث الذي قال إنه لا يقوم بدوره ومطالبا إياه بتحمل المسؤولية.
 
المعهد الوطني للتراث على الخط.. 
 
وفي ظل تواتر الجدل بخصوص التعدي الصارخ على الآثار ، وعدم مبارحة هذا الملف مكانه نشر المعهد الوطني للتراث على صفحته بفيسبوك كشفا حول مخالفات البناء المنجزة بالمنطقة الأثرية.
 
وأوضح المعهد أن أغلب التجاوزات الحاصلة بهذه المنطقة من موقع قرطاج حصلت في الفترة الممتدة ما بين 2013 و 2015 أي قبل صدور أمر انتزاع القطعة وتحويلها إلى المعهد الوطني للتراث، علما وأن بناءات قد أنشأت على هذه الأرض.
 
وجاء في البلاغ الذي أصدره المعهد أنّ ”أغلب هذه التجاوزات وقعت في فترة النيابة الخصوصية التي لم تقم بتطبيق قرارات الهدم و إنما منحت أيضا بعض رخص البناء في هذا المجال وفي غيره من قرطاج  دون أخذ رأي المعهد الوطني للتراث وهو مخالف تماما للتراتيب الجاري بها العمل”.
 
وأشار البيان إلى أنّ التجاوزات تواصلت بالمنطقة الى موفى 2018، وأنّ المعهد الوطني للتراث أصدر  أكثر من 40 قرارا للهدم لم ينفذ منها إلا القليل، مؤكّدا أن ”ليس له السلطة التنفيذية ويتولى دوما وفي وقت سريع إشعار البلدية بكل تجاوز وهي المخولة قانونا لتنفيذ قرارات الهدم بالتنسيق مع مصالح الولاية.”
 
بوادر انفراج..
 
ويبدو أن ملف الاعتداءات على الأراضي والمناطق المصنّفة أثريا يشهد بوادر انفراج، إذ أكّد والي تونس الشاذلي بوعلاق  في تصريحات إعلامية،  أن قرارات الهدم ستنفّذ دون استثناء وستشمل حتى المباني العمومية المخالفة.
 
ومن المنتظر أن تنعقد جلسة ، يوم الاثنين المقبل،  بمقر بلدية قرطاج،  لإعداد برنامج لتنفيذ كافة قرارات الهدم، ذلك أن الدولة التونسية مطالبة بإظهار جديتها في التعاطي مع ملف الاعتداءات على الموقع الأثري بقرطاج حتى تضمن بقاء قرطاج ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، وفق حديث والي تونس.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.