ما هي الأجندة الإقتصادية في حال فوز ترامب بـ “رئاسة ثانية”؟

كثيرا ما يقال إن الإنتخابات الأمريكية ليست مسالة تهم األوساط
الداخلية األمريكية فحسب، بل يتردد صداها في جميع أنحاء العالم

نظرا لقوة الواليات المتحدة األمريكية وثروتها ونفوذها. فبناتج
محلي إجمالي اسمي يبلغ 28.8 تريليون دوالر أمريكي، وهو ما
يفوق بكثير أي اقتصاد رئيسي آخر، وصافي ثروات أسر يزيد عن
150 تريليون دوالر أمريكي، تعتبر الواليات المتحدة في صميم
التحركات العالمية للمعلومات ورؤوس األموال والسلع والخدمات.
وال توجد أي دولة أخرى تلعب دور ا مماثل في تحديد اتجاه
االقتصاد العالمي.
الناتج الاجمالي الاسمي المتوقع بالدولار الأمريكي لعام 2024


ولذلك، يجب فهم تداعيات االنتخابات األميركية على االقتصاد
العالمي، خاصة ألن كل المرشحين الرئيسيين )دونالد جيه ترامب
وكاماال هاريس( يتبنى أجندات اقتصادية مختلفة.
سنتعمق في هذا األسبوع في البرنامج االقتصادي للمرشح دونالد
ترامب، الرئيس السابق الذي يحاول العودة إلى البيت األبيض
ليصبح الرئيس السابع واألربعين للواليات المتحدة.
بعد أن شغل منصب الرئيس الخامس واألربعين للواليات المتحدة
في الفترة 2021-2017، أصبحت أجندة ترامب معروفة جيدا
للمستثمرين والمحللين، وتلخص شعارات مثل “لنجعل أمريكا
عظيمة مرة أخرى” و”أمريكا أوال ” الروح العامة لبرنامجه. ومن
الناحية االقتصادية العملية، فإن هذا يتمثل في سياسة داعمة
لألعمال، ورؤوس األموال، والتجارة، والتصنيع المحلي. بعبارة
أخرى، يدعم ترامب إلغاء القيود التنظيمية والحد من اإلجراءات
البيروقراطية في القطاعات الرئيسية، وخفض الضرائب على
الشركات واألسر، وزيادة االستثمارات العامة، وإعانات دعم
التصنيع المحلي، والدفاع، واعتماد نهج يتسم بالحمائية تجاه التجارة الخارجية.
تختلف بعض اإلجراءات التي يدعمها ترامب جوهريا
عن السياسات التي يجري تنفيذها حاليا . ومن وجهة نظرنا، ينبغي
تسليط الضوء على ثلث نقاط رئيسية فيما يتعلق بأجندة ترامب
الاقتصادية.
العجز المالي الهيكلي في الواليات المتحدة (2024-2002)


أولا ، في حال انتخابه، فإن ترامب يميل إلى أن يكون جريئا
فيما يتعلق بالتحفيز المالي. في الواقع، خلل فترة رئاسته، أدت
التخفيضات الضريبية وزيادة اإلنفاق إلى ارتفاع العجز الحكومي
من مستوى دون المتوسط يبلغ 3.6% من الناتج المحلي اإلجمالي
الممكن إلى 6% في عام 2019، قبل أن تفرض الجائحة عجزا
أوسع نطاقا. ويقترح ترامب حاليا خفض الضرائب على الشركات
من 21% إلى 15%. كما تجدر اإلشارة إلى أنه في حال فوز
ترامب بالرئاسة، فإنه من المرجح أن يتم تمديد تخفيضات ضريبة
الدخل الفردي التي كان قد وافق عليها في عام 2017، والتي من
المقرر أن تنتهي في نهاية عام 2025. ومن المتوقع أن تكلف هذه
اإلجراءات المالية مجتمعة ما بين 3 تريليون إلى 4 تريليون دوالر
أمريكي من اإليرادات، مما يزيد من اتساع العجز الحالي الكبير.
لكن هذا األمر من شأنه أن يوفر دفعة للقتصاد، ويحفز
االستثمارات واالستهلك. ومن المفترض أن يدعم أيضا عوائد
سندات الخزانة األمريكية طويلة األجل وتطبيع منحنى العائد، حيث يمكن للعجز األوسع والمستويات األعلى من الدين إلى الناتج
المحلي اإلجمالي أن تخيف بعض المستثمرين في أدوات الدخل
الثابت وتتطلب علوات أعلى للمدة.

ثانيا يبدو أن ترامب ملتزم بإعادة إطلق أجندته الحمائية، فهو
يدافع عن فرض رسوم جمركية أعلى ال تقل عن 10% على
الواردات من بقية دول العالم و60% على الصين على وجه
الخصوص. وإذا تم تنفيذ مثل هذه التدابير بالكامل من قبل إدارة
ترامب في حال انتخابه، ولم يتم استخدامها فقط كوسيلة ضغط في مفاوضات التجارة والاستثمار، من المرجح أن تؤدي إلى صدمة كبيرة في التدفقات التجارية والاستثمارية، حيث توقع أن تقوموبلدان أخرى بفرض تدابير انتقامية، وهو ما قد يؤدي إلى دوامة من التخفيضات التنافسية لقيمة العملت وزيادة التعريفات الجمركية وفقا لسياسة “إفقار الجار”. والاهم من ذلك أن الرسوم الجمركية الاعلى لن تولد إيرادات كافية لتغطية تكلفة التخفيضات الضريبية، إذ ي قدر أن ت ولد زيادة الرسوم الجمركية إيرادات إضافية بنحو 1.5 تريليون دولار، أي أقل من نصف التكلفة المقدرة للتخفيضات الضريبية المقترحة. ومن حيث التأثيرات عالية المستوى، فإن زيادة الرسوم الجمركية ستؤثر سلبا
على إجمالي الدخل الحقيقي في بقية العالم وفي الواليات المتحدة، ألنها ستؤدي إلى ارتفاع تكاليف السلع النهائية والخدمات.

لكنها من المحتمل أن تدعم الاستثمارات والتصنيع المحلي، حيث سيتعين إعادة تخصيص سلسل التوريد، واستحداث شروط مراجحة جديدة لصالح المنتجين المحليين.

ثالثا، قد يؤدي موقف ترامب تجاها الهجرة أيض إلى تداعيات كبيرة على التركيبة السكانية وأسواق العمل في البلد، في حال عودته إلى البيت الابيض، فهو يقترح الترحيل الجماعي لنحو 15 إلى 20 مليون مهاجر غير شرعي، فضل عن تقييد تدفق المهاجرين الشرعيين الذين يحملون تأشيرات دخول. وهذا أمر خطير، حتى بالنسبة لبلد يفوق تعداد سكانه 335 مليون نسمة ويبلغ فيه عدد القوة العاملة 162 مليون عامل. ورغم أننا لا نتوقع أن يتم سن هذا القانون بهذا النطاق إذا تم انتخاب ترامب، فإن تطبيق برنامج ترحيل أصغر حجما من شأنه أن يساهم أيضا في تضييق سوق العمل، وخاصة في فئة العمالة منخفضة الاجر التي تعمل بنظام الساعة. وعلى المدى المتوسط، قد يؤدي ذلك إلى زيادة متوسط نمو الاجور، مما يخلق ضغوطا تضخمية إضافية. ومن شأن التركيبة الديموغرافية غير المواتية أن تؤثر سلبا على النمو. وبشكل عام، فإن فوز ترامب بـ “رئاسة ثانية” من شأنه في نهاية المطاف أن يجلب تغيرات كبيرة في الاجندة الاقتصادية الامريكية، وخاصة في مجاالت المالية والتجارة والهجرة. وفي المجمل، ينبغي أن تكون ألجندته المقترحة تأثيرات متباينة على النمو، حيث يتعين ان تعزز السياسات المالية النشاط االقتصادي، في حين أن تدابير الحمائية التجارية واإلجراءات الاكثر صرامة في التعامل مع المهاجرين من شأنها أن تؤثر سلبا على نمو الناتج المحلي الاجمالي.

إخلاء مسؤولية: تم إعداد المعلومات الواردة في هذه المطبوعة “المعلومات”( من قبل بنك قطر الوطني )ش.م.ع.ق( )”QNB” ويشمل هذا المصطلح فروعه وشركاته التابعة. يعتقد بأن هذه المعلومات قد تم الحصول عليها من مصادر موثوقة، ومع ذلك فإن QNB ال يقدم أي ضمان أو إقرار أو تعهد من أي نوع، سواء كان صريحا أو ضمنيا ،
فيما يتعلق بدقة المعلومات أو اكتمالها أو موثوقيتها كما ال يتحمل المسؤولية بأي شكل من الاشكال (بما في ذلك ما يتعلق بالتقصير عن أي أخطاء أو نقصان في المعلومات).
يخلي QNB بشكل صريح مسؤوليته عن كافة الضمانات أو قابلية التسويق فيما يتعلق بالمعلومات أو ملءمتها لغرض معين. يتم توفير بعض الروابط لمواقع إلكترونية خاصة بأطراف ثالثة فقط لراحة القارئ، ولا يؤيد QNB محتوى هذه المواقع، ولا يعتبر مسؤوال عنه، وال يقدم للقارئ أي اعتماد فيما يتعلق بدقة هذه المواقع أو ضوابط الحماية الخاصة بها. ولا يتصرف QNB بصفته مستشارا ماليا أو خبيرا استشاريا أو وكيل فيما يتعلق بالمعلومات وال يقدم استشارات استثمارية أو قانونية أو ضريبية أو محاسبية. إن المعلومات المقدمة ذات طبيعة عامة، وهي ال تعتبر نصيحة أو عرضا أو ترويجا أو طلبا أو توصية فيما يتعلق بأي معلومات أو منتجات مقدمة في هذه المطبوعة. يتم تقديم هذه المطبوعة فقط على أساس أن المتلقي سيقوم بإجراء تقييم مستقل للمعلومات على مسؤوليته وحده. ولا يجوز االعتماد عليها التخاذ أي قرار استثماري. يوصي QNB المتلقي بالحصول
على استشارات استثمارية أو قانونية أو ضريبية أو محاسبية من مستشارين محترفين مستقلين قبل اتخاذ أي قرار استثماري. اآلراء الواردة في هذه المطبوعة هي آراء المؤلف
كما في تاريخ النشر. وهي ال تعكس بالضرورة آراء QNB الذي يحتفظ بحق تعديل أي معلومات في أي وقت ودون إشعار. لا يتحمل QNB أو مديروه أو موظفوه أو ممثلوه أو وكلئه أي مسؤولية عن أي خسارة أو إصابة أو أضرار أو نفقات قد تنجم عن أو ترتبط بأي شكل من األشكال باعتماد أي شخص على المعلومات. يتم توزيع هذه المطبوعة مجانا وال يجوز توزيعها أو تعديلها أو نشرها أو إعادة نشرها أو إعادة استخدامها أو بيعها أو نقلها أو إعادة إنتاجها كليا أو جزئيا دون إذن من QNB. وعلى حد علم QNB، فإنه لم تتم مراجعة المعلومات من قبل مصرف قطر المركزي أو هيئة قطر لألسواق المالية أو أي جهة حكومية أو شبه حكومية أو تنظيمية أو استشارية سوا ء داخل قطر أو خارجها كما لم يقم QNB بطلب او تلقي اي موافقة فيما يتعلق والمعلومات.

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.