توجّه الخبير الاستراتيجي في الشؤون الأمنية والعسكرية مازن الشريف برسالة الى رئيس الجمهورية المؤقت محمد المنصف المرزوقي استنكر عبرها ما اعتبره تخاذل هذا الأخير في التعامل مع الوضع الأمني في البلاد وارتكابه أخطاء ديبلوماسية وسياسية قاتلة.
وفي ما يلي نصّ الرسالة كما جاءت على الصفحة الشخصية لمازن الشريف على موقع الفايسبوك:
" إلى السلطان سليمان المعظم: لا أحب أن أذكرك، لأني أعلم أنك بطل في مسلسل لم تكتب قصّته، وهنالك من يكتب لك ما تقول ويخرج لك ما تفعل ويموّل العمل كله بمال تركي قطري سعودي تبيض دجاجته في سلة تل أبيب.
ولا أحب أن أكلمك، لأني كلمتك مباشرة قبل أن تصبح رئيسا يوم عرضت علي بنفسك ان أنضم إليك وقلت لك أريد أن أبقى للشعر وشربنا بعض الشاي في الماي بجربة مع مجموعة من حزبك… ثم كلمتك بعد أن صرت ساكن قرطاج وقلت لك: سينتقلون من حرق المقامات إلى الاغتيال، وكررت كلامي بعد اغتيال شكري وقلت كنا نعلم ولم تقل من أعلمك. ثم التقيتك حاملا ميثاق علماء تونس ووقعت عليه ووعدت بالدعم ثم لم تفعل لأن مخرج المسلسل لم يسمح لك. ولو أنكم تبنيتم فكرتي تلك لكان لها أثر عظيم وخير عميم، وسوى هذا كثير نورده في اوانه.
لكني الآن مكره على كلمة لك، رغم أني وجهت لك الكلام في الإعلام والتلفزة من قبل مع يقيني بالنتيجة. ولكن علي أن أتكلم وليس عليك ان تسمع:
رأيتك الليلة في الشاشة تلتقط الصور مع الجنود الجرحى وتقبل وجوههم، وإني أسألك يا أيها القائد الأعلى لقواتنا المسلحة، وأنت من أغرق المجلس بدموعه يوم تولّى الحكم: ماذا فعلت من أجلهم ؟ وماذا فعلت لحمايتهم وحماية إخوتهم من الجنود الذين قضوا حرقا وقتلوا الخامس عشر وسلخوه؟
ماذا فعلت لأمهاتهم؟ وأنت الذي أعلن أننا سنستمتع بما تبقى من رمضان ونفرح بالعيد ونمضي للانتخابات؟ أين عقلك وأين المروءة يا سليل المرازيق الأحرار الذين كان لهم "عقد" من الفرسان ترتج له البادية؟
أتفرح والبلاد مخضبة بالدم ورائحة اللحم المحترق تنشر من الشعانبي إلى كل ركن من تونس ؟
أيها الحقوقي العظيم: يوم أمروك بأن تقطع العلاقات مع سوريا فنفذت مهرولا تؤدي دورك، هل فكرت في ما سيحصل فيما بعد؟ وهل تعرف الشام وسر تلك الأرض؟ وهل لديك أو لدى أحد مستشاريك أية فكرة استراتيجية واقعية عن الشام أو زارها ولو ليوم واحد؟
وهل فكرت أنك بفعلتك تلك ألقيت آلاف التونسيين من جاليتنا للظروف الصعبة والأحوال المزرية؟
وهل تعلم أنك فتحت الباب – مع حكومات الشرعية – للشباب التونسي ليلقى للموت في محرقة الشام بالآلاف ويمضي شبابا وبنات وأطفالا للموت والخراب، ليتحول إلى الأكبر عددا في التنظيمات الإرهابية، والأعنف قتالا، والأكثر قادة؟
أنت يا من قلت أن بشار طاغية وردد ذلك من في حزبك ومن في الأحزاب التي تعمل مع حزبك في نفس المسلسل، ووسمت أمير قطر الذي تقطر ملابسه دما، وأفسدت ما بيننا وبين مصر وليبيا وغيرها، ماذا فعلت أنت لشعبك أيها الديمقراطي الملهم: 2500 شاب تونسي قتلوا في محرقة الشام فماذا تقول لأمهاتهم وعائلاتهم المعذبة، ولأمهات وعائلات المفقودين والمتاجر بهم في نخاسة الحرب ومنهم أطفال مدارس؟
أليس من واجبك أمام الله وأمام الوطن والشعب أن تحمي كل تونسي وأن تحرس تراب البلاد؟
أنت تعلق طيلة الوقت شعارا فيه صورة شهيد، فعلق صورهم جميعا وستجد أن الصور تملأ عليك أركان القصر حتى تعجز عن الحركة والتنفس.
سيادة المنصف المرزوقي البطل: قمنا بالثورة وكنت غائبا، وجئت تحصد مع الحاصدين، ولكنك خرجت من الغياب لتدخل في غيبوبة.
إنك تمضي بالبلاد والعباد إلى كارثة، والأمر أخطر مما تظن، ولست آمنا حتى في قصرك، وتعلم جيدا أني حين أستشرف أمرا لا أخطئ فيه أبدا، وإن من كتبوا لك السيناريو ومولوا المسلسل خدعوك وخادعوك، ولعلك قبلت الخدعة لان الكرسي فتان خدّاع، ثم وجدت نفسك تمارس الخدع نفسها على الشعب لكن الأمر جلي مفضوح.
ليس ما ظننته كعكعة تتقاسمونها سوى عبوة ناسفة، فلا تواصلوا التعامل مع المتفجرات على أنها بعض الحلوى.
إنك ومن كان من حكومات الشرعية ومجلس التأسيس والحكومة المرتجفة الحالية مسؤولون امام الله والوطن على كل قطرة دم، واعلموا أنكم ان واصلتم تعاميكم توشكون على رؤية انهار من الدماء وحصاد ما ساهمتم في زرعه في بلاد الشام الحبيبة. وإني ناصح لا خوفا منكم ولا طمعا فيكم، ولا غنى لكم عن علمي وأنا غني عن كراسيكم.
ختاما: شكرا على الغداء الأخير في حضرتك، لقد سمعت من كلامك عن الإرهاب وفهمك له ما أذهلني، ولن أكرر ما قلت لأني من الشُّرفة الأحرار، يا مرزوقي يا حر."