ماذا بعد إقالة وزير الشؤون الثقافية؟

يسرى الشيخاوي- 
المتأمل في كلمة وزير الشؤون الثقافية المُقال وليد الزيدي إثر وقفة احتجاجية لفنانين ومثقفين في ساحة المسارح بمدينة الثقافة، سيلحظ نبرة تصعيد وانسلاخ عن قرارات رئيس الحكومة هشام المشيشي.
وكلمة الزيدي كانت مدجّجة بالتساؤلات الستنكارية عن قرار رئيس الحكومة القاضي بإلفاء التظاهرة الثقافية والفنية وعما إذا قرأ أحد الحاضرين بلاغا يتضمّن منعا للعروض الثقافية.
فعلا، وزارة الشؤون الثقافية لم تصدر أي بلاغ في الأمر على صفحتها الرسمية ولكنّها اكتفت بمشاركة كلمة المشيشي مع إرفاقها بتعليق يحيل على أنها تساند هذا القرار إذ جاء فيه "منع جميع التظاهرات الثقافية لأسبوعين و العمل بنظام الفرق أبرز القرارات التي أعلن عنها رئيس الحكومة هشام المشيشي في كلمة توجه بها مساء اليوم السبت 3 أكتوبر 2020 إلى الشعب التونسي."
"وزارة الثقافة ليست وزارة تنفيذ بلاغات الحكومة"، يبدو انّها الجملة التي عجّلت بفتح بباب الإقالات في حكومة المشيشي وكانت البداية بوزير الشؤون الثقافية وليدي الزيدي الذي اتسمت علاقته بالمشيشي بالاهتزاز منذ بدايتها.
والمتابع لمسار تعيين الزيدي، سيستشف أنه مفروض من قصر قرطاج، وفي إقالته رسائل سياسية كثيرة أوّلها خروج المشيشي عن رئيس الجمهورية قيس سعيد وبداية "الإطاحة" بوزرائه المقترحين في الحكومة.
"هل قمتُ بتنزيل بلاغ يدعو إلى غلق دور الثقافة والفضاءات الثقافية ومنعتكم من التدرّب والتمرين ومن تقديم العروض؟ هل أمضيت قرارا بطلب منهم؟ "، أسئلة طرحها وزير الشؤون الثقافية المقال أمام جمع من الفنانين والمثقفين تؤكّد أنه سيتمرّد على قرارات الحكومة.
ولكن يأتي الفعل مغايرا للقول -في الظاهر- وتصدر وزارة الشؤون الثقافية حوالي الساعة العاشرة ليلا بلاغا يخضع لقرار المشيشي بتأجيل التظاهرات الثقافية والفنية، ولكن دون ان يحمل البلاغ إمضاء من وزير الشؤون الثقافية.
وبعد ساعة من إصدار البلاغ، تعلن رئاسة الحكومة في صفحتها الرسمية عن إقالة وزير الشؤون الثقافية وليد الزيدي وتعيين وزير السياحة الحبيب عمار محبّه بالنيابة في الوقت الذي يستوجب تعيين وزير ينكب على مشاغل القطاع ويرسم استراتيجية لحلحلة الأزمات المتتالية.
وأي معنى لإقالة وزير الثقافة باستثناء تسجيل هدف في الوقت الضائع؟ وأي معنى لتحقيق هذه الإقالة التي تدور في خلد رئيس الحكومة منذ ان فرض عليه الزيدي فرضا دون البحث عن بديل؟ وأي معنى لتعيين وزير السياحة خلفا له بالنيابة؟
أسئلة كثيرة يطرحها قرار إقالة الزيدي الذي كان متوقعا، ولكن يبقى توقيت اتخاذه غير مناسب لأنه يتنزّل في خانة ردّ الفعل، وتظل قرارات رئيس الحكومة في علاقة بالثقافة مؤشرا على تهميش القطاع وعدم ايلائه الأهمية التي يستحقها.
اليوم، أقال المشيشي الزيدي وشرع في ترتيب أوراق بعثرها قيس سعيد ولكن ماذا بعد الإقالة ومن سيرتّب أوراق قطاع الثقافة المبعثرة؟
 
 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.