مؤرخون يحذّرون من الانزلاق في تحريف تاريخ الثورة!

حذّر عدد من المؤرخين المختصين في دراسة الزمن المعاصر والراهن من انزلاق بعض وسائل الاعلام والاعلاميين-بوعي أو عن غير وعي- في تحريف تاريخ الثورة التونسية من خلال عدم تناول هذه الاشكالية  الشائكة والمحفوفة بالمخاطر الموضوعية والذاتية ذات الابعاد السياسية والايديولوجية بالحدّ الادنى من المهنية التي تضمن تقديم مادة صحفية للرأي العام لا تعتريها شوائب أو هنّات.

وقال المؤرخ الجامعي عميرة علية الصغير في هذا الصدد انّ طريقة التعاطي في الاونة الاخيرة مع هذه المسألة  تنمّ عن ارادة خفية لدفع الثورة في سياق معيّن ودفن الفاعلين الحقيقيين الذين صنعوا أحداثها بطريقة عفوية ودون تخطيط أو تجييش من جهات حزبية أو سياسية ما.

وشدّد الصغير على أنّ المحرك الحقيقي للمسار الثوري الذي تعيش على وقعه تونس، على الاقل منذ 17 ديسمبر 2010 وإلى حدّ اليوم،هوالقوى الشعبية ولا سيما الفئات الشبابية التي انضمّت اليهم لاحقا الهياكل القاعدية والوسطى للاتحاد الاعام التونسي للشغل علاوة عن المحامين وبعض النشطاء في الحقل الجمعياتي والثقافي.

واعتبر انّ التعاطي الاعلامي في هذا المضمار دون التمكنّ من ميكانيزمات  العمل الصحفي الملتزم بقواعد المهنية التي تشترط تشريك الرأي الضديد ولّد ضربا من التجني على التاريخ ومحاولات للسطو على الثورة خدمة لمصالح قوامها حرب التموقع السياسي ورهانات الحاضر.

واستغرب كيف انّ البعض يروم تسويق فكرة أنّ ما حدث في بلادنا هو مجرّد انقلاب خضع لتوزانات لعبة المؤامرات الداخلية والخارجية مؤكدا على أنّ هذه القراءة فيها تجنّ كبير وسعي محموم لاجتراح بطولات زائفة لا علاقة  لها بالتاريخ بقدر ما تنطوي على رغبة في توظيفها بشكل يخدم الاجندات الخاصة.

وجدّد عميرة علية الصغير دعوته الجهات الرسمية إلى تمكين المؤرخين والباحثين من حقهم في الولوج إلى المعلومة لتبيان المعطيات الدقيقة ولمعرفة فحوى الوثائق الهامة التي تكشف دور الاجهزة العسكرية والامنية والمسؤولين فيها خلال فترة الحراك الثوري الذي شهدته البلاد في أواخر ديسمبر 2010 ومطلع جانفي 2011 مشيرا الى ضرورة التصدي إلى محاولة بعض الجهات السياسية السطو على تاريخ الثورة الذي كتبه الشهداء والموقوفون والجرحى بدمائهم ونضالتهم غير المسيّسة والتي كانت المطالب الاجتماعية والاقتصادية منطلها الاوّل وفق رأيه.

من جهة أخرى،أكدّ المؤرخ الجامعي محمد ضيف اللّه على أنّ الثورة التونسية كانت بصفة عامة غير مؤطرة رغم الدور الذي لعبته بعض منظمات المجتمع المدني خاصة في الجهات.

واضاف أنّ التاريخ الاقرب إلى الحقيقية في الغالب يكتب بعد فترة من الزمن حتّى لا يخضع للاستغلال والتوظيف السياسي أو الايديولوجي مبيّنا أنّ ما يحدث اليوم يستحق توصيفه بالتجاذبات الحزبية التي يرنو كلّ طرف من خلالها إلى جذب التاريخ لنفسه.

واستبعد الطرح القائل بأنّ الثورة التونسية هي مجرد انقلاب مداره المؤامرات التي تحاك من الاجهزة الاستخباراتية الغربية مشيرا إلى انّ بن علي كان يخاف من السلفيين الجهاديين أكثر من اي فصيل سياسي آخر وهو ما يجعل فرضية هروبه خوفا من عودة راشد الغنوشي إلى تونس وقيادته لثورة شعبية تقوّض اركان نظامه مجانبة للوقائع التاريخية التي تؤكد انّ الاحزاب برمتها لم يكن لها تأثير يذكر على الحراك الشعبي وقتذاك.

ورجّح الاستاذ ضيف اللّه فرضية انّ يكون النظام السابق غداة تفجّر الاحتجاجات الشعبية واشتداد عودها مع وصولها إلى المدن الساحلية وتونس العاصمة على وجه الخصوص،قد حاول التخلص من رأس السلطة زين العابدين بن علي واعادة ترتيب البيت وتزويق المشهد من خلال ادخال اصلاحات واجراء بعض التعديلات بغية امتصاص الغضب الجماهيري والتسريع في تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة  تضع حدّا للمسار الثوري. 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.