“لم يكتمل النصاب رفعت الجلسة”.. لا تزعجوا نواب أحزابهم!!

مروى الدريدي-

"لم يكتمل النصاب رفعت الجلسة"، عبارة طالما كرّرها رئيس مجلس نواب الشعب أو نائبه في معظم الجلسات العامة إن لم يكن جميعها، إذ كثيرا ما اضطرّا إلى رفع الجلسة العامة بعد أقل من دقيقه على انطلاقها لتستأنف بعد ساعة أو ساعتين من وقتها القانوني.
 
التهاون والاستهتار بقيمتي الوقت والعمل من قبل "نواب أحزابهم" أصبح واضحا وجليّا لتكرّره باستمرار، فجلّ العاملين من الشعب من موظفين وأساتذة ومعلمين وعمال مصانع وتنظيف وخدمات وتلاميذ وطلبة وفي شتى المجالات يستأنفون أنشطتهم في حدود الساعة الثامنة صباحا أو حتى قبل هذا التوقيت، إلا نواب أحزابهم فعملهم ينطلق بعد العاشرة صباحا، بعد استيقاظهم على مهل وأخذ فطور الصباح على مهل وقضاء حوائجهم الخاصة على مهل، ثمّ التفرغ للعمل البرلماني في مرحلة ثالثة أو رابعة.
 
هذه ليست مبالغة، فبمتابعة بسيطة للجلسات العامة التي يتم بثها مباشرة على القناة الوطنية الثانية وبالعودة إلى غيابات النواب الموثقة بالموقع الرسمي لمجلس نواب الشعب يمكن التحقق من هذا الكلام فهو ليس تجنيّا عليهم إنما واقع موجود، فعلى سبيل المثال جميع الجلسات العامة لشهر أفريل انطلقت بعد توقيتها القانوني وبغياب ما يقارب الخمسين نائبا وفي إحدى الجلسات تجاوز عدد الغيابات الخمسين.
 
أصبح واضحا إذن أن نواب أحزابهم -وهذا أفضل اسم قد يطلق عليهم- أضاعوا البوصلة ويغردون خارج السرب، وفشلوا فشلا ذريعا ومُخجلا في تحقيق دورهم الأساسي وهو نيابة الشعب والتحدث باسمه وتمثيله أحسن تمثيل.
 
في المقابل فأكبر انجاز حققه نواب أحزابهم هو خذلان الشعب الذي منحهم صوته والمتاجرة بآلامه وعدم القدرة على الانتصار له، وجعل مصالحهم الحزبية الضيقة نصب أعينهم كلما تعلق الأمر بتمرير مشروع قانون أو تصويت، والأمثلة على ذلك كثيرة منها الفشل إلى هذا اليوم في انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، لغايات في أنفسهم، والفشل في تقديم مشاريع قوانين تمس الواقع المعيش والمرير للمواطن من ذلك مشكل النقل والصحة ومسالك التوزيع التي تتحكم فيها عصابات، وقوانين تضمن حق المرأة الريفية العاملة في التغطية الصحية وأجر محترم ونقل يضمن سلامتها الجسدية  وغيرها من المشاغل التي تنتظر قوانين جريئة وردعيّة تعطي كل ذي حق حقه وتضمن حياة كريمة للمواطن.
 
لكن لا من مجيب، ففي البرلمان نسمع جعجعة ولا نرى طحينا، صراخ وخصام وجدال وتراشق باتهامات والكل يسجل أهدافا في مرمى الخصوم والكل يتحدث باسم الشعب لكنه في النهاية تسجيل حضور لا غير.
 
يؤكد ابن خلدون هنا على حتمية العدل وتجنب الظلم الذي يودي بالمجتمعات ويخرب العمران وأن الشريعة والقانون عنده هي ضمان للعدالة بين الناس، وما يحدث بالبرلمان وصمته عن مآسي الشعب والعجز عن تفعيل قوانين تحميه هو ظلم بحقه سيذكره التاريخ.
 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.