كورونا: منحة اجتماعية تنسف الاجراءات الاستباقية.. وتوقعات بارتفاع غير مسبوق لعدد الإصابات في تونس

 بقلم الصحفي وائل نهيدي –

عديدة هي الإجراءات الحكومية التي أعلن عنها رئيس الحكومة التونسي إلياس الفخفاخ في الثاني والعشرين من مارس/آذار الماضي، لمجابهة تداعيات انتشار فيروس كورونا في البلاد، لكن اجراء وحيدا كان كفيلا بنسف كل النتائج الإيجابية التي لمسها التونسيون بعد انقضاء أسبوعين على انطلاق العمل بإجراء الحجر الصحي الشامل في  البلاد.

فقد سجلت تونس في حدود العاشر من أفريل الجاري 707 إصابة مؤكدة بفيروس كوفيد 19 من ضمن 11238 تحليلا مخبريا تماثل منهم 43 شخصا للشفاء بينما ناهز عدد المتوفين 31 مصابا.

ولئن كانت هذه الأرقام جيدة مقارنة بعدد من الدول الأوروبية التي مثلت مركزا للجائحة على امتداد الأسابيع الماضية فإن المنحة التي قدمتها الحكومة التونسية يرى الخبراء أنها ستقلب الموازين لصالح فيروس كورونا. 

وكان وزير الصحة التونسي عبد اللطيف المكي قد أطلق صيحة فزع على صفحته الرسمية على موقع فيسبوك تحدث فيها عن انهيار كل الإجراءات الاستباقية والنتائج الجيدة التي حققتها حكومة الفخفاخ  في إشارة إلى الحشود التي تجمهرت أمام مراكز البريد التونسي في كامل أنحاء البلاد بهدف استلام منحة بمئتي دينار (65 دولار تقريبا) وخرق الحجر الصحي الشامل.

ورأى المكي أن هذا الإجراء، ولئن تم اتخاذه لمجابهة التداعيات الاقتصاديات للحجر الصحي الشامل على ضعاف الحال والفئات الهشة، إلا أن التجمهر أمام مراكز البريد دون احترام مسافة الأمان ينبئ بوقوع الكارثة خلال الأسبوعين القادمين في إشارة إلى السيناريو الإيطالي.

تصريح تلته ندوة عاجلة لوزير الصحة ووزير الداخلية أكد فيها وزير الصحة ضرورة الالتزام بالحجر الصحي الشامل، محذرا من تداعيات تجاهل التونسيين لتعليمات الوزارة الخاصة بالحماية بعد أسبوعين على إنطلاق العمل بالحجر الصحي العام، إذ شدد المكي على أن الوضع صعب ولا يبشر بخير.

ومن جهته دعا وزير الداخلية كل التونسيين إلى الالتزام بالحجر الصحي العام قصد التحكم في تطور الوضع الوبائي لفيروس كورونا الجديد وتجنّب كل مخاطره على الصحة العامة، متعهّدا بتطبيق القانون بكلّ صرامة ضدّ المخالفين للحجر الصحي بما في ذلك الإيقافات والإقامة الجبرية والتتبعات القانونية طبقا لأحكام المجلة الجنائية.

هذا القلق الذي أبداه كل من وزير الصحة ووزير الداخلية التونسيين، عبر عنه بدوره أيضا عند الدكتور في الصيدلة والبيولوجيا بمستشفى "ايميل دوركهايم" بفرنسا محمد الطرابلسي، الذي وإن أكد نجاعة حزمة الإجراءات الاستباقية التي ساهمت بشكل كبير في السيطرة على انتشار فيروس كورونا، فهو يرى أن هذه الإجراءات بدأت تقطف ثمارها بعد انقضاء أكثر من أسبوعين على انطلاق الحجر الصحي العام.

وقال الدكتور الطرابلسي في تصريح لحقائق أون لاين: "تونس كانت من بين الدول الرائدة في مجابهة التحديات التي طرحها فيروس كورونا خاصة مع انطلاقها في الحجر الصحي العام بشكل مبكر مما جنب البلاد السيناريوهات الأوروبية وجعل أعداد المصابين بكوفيد 19 في تونس ضعيفة مقارنة بالبلدان المتقدمة".

وأضاف: "هذه النتائج الإيجابية جعلت التونسيين يطمئنون لتجنبهم المنحى التصاعدي لانتشار الفيروس حسب الدكتور الطرابلسي، وهو ما جعل العديد منهم يخرقون الحجر الصحي الشامل من أجل الحصول على منحة بمئتي دينار".

ويتوقع الدكتور محمد الطرابلسي "ارتفاع الاصابات في البلاد بعد أسبوعين بشكل غير مسبوق بسبب هذه التجمعات البشرية التي لم يراع أغلب المواطنين فيها شروط السلامة التي وضعتها كل من منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة التونسية".

ولا يمكن الإلقاء باللوم على المنتفعين بمنحة المائتس دينار،وفق تقدير الصحفية بالتلفزة الوطنية إيمان الوسلاتي، التي اعتبرت أن "طريقة توزيع المساعدات الاجتماعية التي توختها الحكومة لم تراع الظرف الاستثنائي الذي تعيش على وقعه البلاد".  

ولم يقتصر هذا الانفلات على تونس العاصمة التي تضم أكبر كثافة سكانية في البلاد (993 ألف نسمة)، بل ذهب إلى أبعد من ذلك في عدد من جهات البلاد، إذ تؤكد الصحفية باذاعة "نجمة اف أم" أسماء زريبي معاينتها لهذه التجمعات أمام مراكز البريد بولاية سوسة شرق البلاد واعتبرت أن "استمرار هذه الحالة سيزيد الطين بلة"، داعية السلط إلى تغيير السياسة المعتمدة في توزيع المنح لتفادي الاكتظاظ أمام مقرات البريد.

واعتبر أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية وجدي بن رجب في تدوينة على صفحته الرسمية على الفايسبوك، أن الأيام القليلة الماضية "انتفى فيها مفهوم الحجر الصحي الشامل ولم يعد له أثر على أرض الواقع مقارنة بالأيام الأولى لدخول الحجر الصحي العام حيز النفاذ"، مفسرا ذلك "بوجود تراخ من السلطات التي يتوجب عليها السهر على تطبيق هذا الإجراء ناهيك عن قلة وعي التونسيين والطقس الربيعي الذي شجعهم على الخروج من بيوتهم"، خالصا إلى أن "كل هذه العوامل ستجعلنا نقف أمام أرقام هي الأسوأ منذ بداية انتشار فيروس كورونا في تونس".

يبدو أن نجاح تونس في التصدي لانتشار الفيروس الذي حصد أرواح أكثر من 100 ألف شخص حول العالم يكمن في التزام المواطنين بالإجراءات الحكومية في الاسبوعين الماضيين غير أن المنحة الحكومية، حسب المختصين يمكن أن تضرب عرض الحائط بالنجاحات التي حققتها البلاد في ظل دعوات تطالب الحكومة بالتدارك وإيجاد حلول بديلة لتوزيع المساعدات الاجتماعية على مستحقيها.

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.