“كناطري” .. أكثر من لعبة الكترونية

يسرى الشيخاوي-
لا يكاد يمر يوم  في تونس دون الحديث عن التهريب والمهربين، تونسيون يطاردون رزقا موشحا بالخطر والموت، يسلكون ممرات ألفوها وألفتهم وينسجون حكايا يزينوها بصوت احتكاك عجلات سياراتهم رباعية الدفع بالاسفلت.
من قصص المهربين أو "الكناطرية" استلهم التونسي شوقي لجنف اللعبة الإلكترونية "كناطري"، هي أكثر من لعبة هي تحد خاضه باعثها ليرسّخ إيمانه بأن دخول هذا المجال لا يتطلب إلا عزيمة وإصرارا.
و"كناطري" هي بعض من حنين تونسي مقيم في الخارج الى وطنه، وبعض من حنقه على واقع الصناعة الإلكترونية في تونس حيث يمر عليها المسؤولون وبعض الفاعلين في المجال مرور الكرام.
مسالك التهريب والكر والفر، والسيارات الرباعية الدفع ونغمات الڨصبة التي تؤنسهم وتتعالى من نوافذ سياراتهم في رحلة العود من الحدود، تفاصيل من واقع المدرّبين خلق منها لجنف لعبته.
عالم جديد يدخله شوقي لجنف، يتحدى فيه نفسه وواقع الصناعة الإلكترونية في تونس ليطلق "كناطري’ اللعبة التي تشكّلت ملامحها خلال فترة الحجر الصحي، فترة استثمرها ليطوّر لعبة بمجهود فردي.
"كناطري" وليدة فكرة طالما راودت ذهن شوقي لجنف الذي أمضى عمرا في مجال الغرافيك لتتحولّ مع إكراهات "كوفيد 19" إلى حقيقة، لعبة بنكهة تونسية وبمجهود فرد متوفّرة على نظام " اندرويد".
هي لعبة تحاكي عمليات تهريب النفظ عبر المسالك الحدودية وتنهل من واقع هذه الظاهرة وفي نسختها الاولية تقتصر على مسالك وعرة في فريانة وقفصة وجلمة، لعبة شدّت إليها الأنظار وغازلت عشّاق الألعاب.
لعبة ذكية مطرّزة بأنامل تونسية تحاكي ظاهرة استشرت في تونس، الأمر الذي جعلها محل بعض الانتقادات التي صنفتها في خانة التطبيع مع التهريب ومع التجارة الموازية.
وفي ردّه على هذه الانتقادات يشير مصمم اللعبة إلى أن " كناطري" لعبة لا يجيب تأويلها خارج سياقها ومن المعلوم أن التجارة الموازية والتهريب مجرمان كما انه لا يتم تضمين اللعبة في " بلاي ستور" إلا بعد مراجعتها.
وبعض الانتقادات تعلّقت بكون اللعبة متاحة من سن الثالثة فما فوق وهو ما اعتبره البعض غير منطقي لأن اللعبة تحاكي جريمة يعاقب عليها القانون من منظورهم، ولكن في عالم تطوير الألعاب يتم مراجعة اللعبة وتحديد سن لعبها من قبل المنصات.
وفي حديثه عن اللعبة، لا يخفي شوقي لجنف وجود بعض المشاكل التقنية كما أنه يصغي باهتمام إلى كل من نقدوا اللعبة بهدف تحسينها وتطويرها، وهو الذي كان محل نقد من ابنه الذي كشف ثغرات في اللعبة وساهم في سدّها.
تجارب واخفاقات ومحاولات بلا حدود خاضها شوقي لجنف في الحجر الصحي وكانت زوجته وابنه سنده وبعض من الأصدقاء، كان جيش نفسه وواصل معركة التحدّي إلى النهاية ودخل سوقا عالمية بإنتاج فردي يتطلب في الأصل فريقا من المصمّمين.
هو لا يطمح لمنافسة شركات تصميم الألعاب، هو متحدّ لم يرم المنديل باكرا، هو صانع لعبة أثارت جدلا واسعا ولفتت إليها الأنظار، هو مثال يحتذى به في الإصرار والعزيمة، هو "كناطري" الأمل المفقود في بلاد يئدون فيها الآمال.
 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.