كرمه بمناسبة السبعينية: اتحاد الشغل ينقذ البكوش من هوة الابعاد

مفاجأة لافتة تلك التي تمثلت في تكريم الطيب البكوش بمناسبة احتفال الاتحاد العام التونسي للشغل بذكرى تأسيسه السبعين من بين عدد من مناضليه وقادته الاموات منهم والأحياء.

شمل التكريم كلا من محمد علي الحامي مؤسس اول حركة نقابية تونسية سنة 1924 ، وفرحات حشاد مؤسس الاتحاد العام التونسي للشغل وقائد الحركة الوطنية  وشهيدها ، والحبيب عاشور قائد معركة 5 اوت 1947 وحامل لواء معركة الاستقلالية،واحمد التليلي باعث مؤسسات الاتحاد الاربع والأربعين وصاحب رسالة الديمقراطية الموجهة للرئيس بورقيبة. 

كما شمل التكريم المناضلين السياسيين الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي اللذين ربطتهما بالاتحاد والنقابيين علاقات قوية ومتينة.

وشمل التكريم من الاحياء الامين العام السابق عبدالسلام جراد الذي يحفظ له التاريخ دورا مهما في الاحاطة بالثورة عند اندلاعها وخاصة عند تنظيم بعض الاعتصامات المهمة وتكوين لجنة حماية الثورة قبل ان تتحول الى الهيئة التي رأسها الاستاذ عياض بن عاشور الى جانب فعاليات اخرى.

وشمل التكريم كما جاء في الطالع الطيب البكوش الذي ابتعد عن الاتحاد منذ سنوات عديدة وتحديدا منذ 1988 حيث قاطع الحل الذي تم الاتفاق فيه مع الرئيس بن على الصاعد للحكم قبل اشهر بما سهل عقد مؤتمر سوسة وعودة النقابيين الشرعيين على راس الاتحاد بعد ان ابعدهم عنه بالقوة والانقلاب الوزير الاول محمد مزالي نهاية 1985.

ويمكن القول ان الانقطاع استمر الى اليوم حيث ان البكوش انشغل برئاسة المعهد العربي لحقوق الانسان الى حدود سنة 2011 تاريخ تعيينه وزيرا للتربية في حكومة الباجي قايد السبسي ثم انصرافه الى المشاركة في تأسيس حزب نداء تونس وتولي امانته العامة ثم وزارة الخارجية وخروجه منها في اخر تحوير.

شبيه " لولا " البرازيلي

بهذا التكريم يكون الاتحاد قد مد يد الانقاذ الى الطيب البكوش وأخرجه من هوة الابعاد السحيقة التي انتهى اليها او بالأحرى دفع اليها في اطار السباق المحموم الى المناصب الذي تملك بالبعض وأباح لهم اهانة " القامات " وتهميش الكفاءات.

يجب ان نعود بالذاكرة الى مطلع سنة 2011 لما ظهر الطيب البكوش لا فقط كوزير للتربية ولكن ايضا وبالخصوص كناطق رسمي باسم الحكومة ، يتقن الحديث ويطوع اللغة ويبلغ اعقد الرسائل بوضوح لا مزيد عليه. 

رأى كثيرون انه كان بالإمكان انتخابه رئيسا للبلاد لما جرى الحديث في مطلع سنة 2011 عن انتخابات رئاسية كان متوقعا ان تنتظم صيف ذلك العام. واستند هؤلاء في رايهم الى ان فوز نقابي بالرئاسة الانتقالية انها هو اعتراف بفضل النقابيين في احتضان الثورة والسير بها الى طريق النجاح لاسيما من خلال اضرابي صفاقس يوم 12 جانفي وتونس الكبرى يوم 14 جانفي.

وكذلك في اطار محاكاة حركة التاريخ العالمي التي رفعت قادة نقابيين الى اعلى مناصب السلطة. نموذج نقابة " تضامن " البولونية التي قادت التغيير الذي شهدته بولونيا منذ مطلع الثمانينات كان ماثلا امام الكثيرين خاصة لما توج بانتخاب زعيمها "ليش فاونزا " رئيسا للبلاد ولكن حصوله في تونس كان مستبعدا نظرا لسنوات التقدم الفاصلة بين البلدين. اما وقد حصلت العملية في البرازيل، فقد راها كثيرون على مرمى حجر خاصة وان كل الظروف تهيأت لها بحصول الثورة. وان شبيه " لولا " النقابي البرازيلي الذي اصبح رئيسا للبلاد موجود في شخص الطيب البكوش بل ويتفوق عليه في مجال التحصيل العلمي.

الاتهام المبهم بلا فائدة

اعتصام القصبة الذي رعاه الاتحاد نسف المشروع والحلم واتى بمسار مخالف. من جهته ساهم الطيب البكوش بنفسه في اجهاض المشروع  عندما قبل الوزارة وتخلى عن الترشح للتأسيسي وللرئاسية بدعوى الاستقلالية عن الاحزاب ثم فاجأ الجميع بالانخراط في تأسيس حزب نداء تونس وتولي مسؤوليات عليا في قيادته ازيح منها مقابل وزارة كان واضحا منذ البداية انه لن ينجح فيها نظرا لعدم الاختصاص والخبرة ونظرا بالخصوص للتنازع في ادارتها بينه وبين رئيس الجمهورية.

ثم خسر الوزارة في اطار الوضع الجديد لحزب النداء كما خسر صداقته مع الرافدين النقابي واليساري في النداء من خلال ذلك الاتهام المبهم الذي اطلقه على شخص يحاول اجهاض اتفاقيات الحكومة مع بعض الدول. ولئن تبرأ البكوش من اتهام شخص بعينه ، فان الجميع فهم ان الامر يتعلق بمحسن مرزوق. ولكن هذه ايضا لم تنفع البكوش ولم تنقذه من لعنة الابعاد التي صبت عليه. فهل تنفعه يد الانقاذ التي مدها له الاتحاد في مستقبل الايام؟

آخر الأخبار

الأكثر قراءة

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.