“كركار”.. عمل فني يروي بعضا من جمال الكاف

يسرى الشيخاوي-

موسيقى آتية من عمق الليل، ممتدة كما الأفق، متحررة من كل القيود، تغازل الأجساد وتغويها بالرقص في حركات تراوح بين الصخب والجنون، وتنبت للأرواح أجنحة تنتشلها من سطوة الواقع.

هي موسيقى "كركار" العمل الفني الذي تلتقي فيه مجموعة "قصبة" التي تضم كل من الفنانين حازم بالرابح و"Cedric Perras" والفنانة لبنى نعمان ليرووا بعضا من جمال الكاف. 

توليفة من الماضي والحاضر والمستقبل يتماهى فيها الحلم والواقع والحنين، زمن يحاكي مزيجا موسيقيا متفرّدا تنصهر فيه الموسيقى الالكترونية مع الموسيقى القادمة من عمق تونس، موسيقى بنكهة بربرية وافريقية تحاكي الحياة بكل تفاصيلها.

وأنت تغوص في تفاصيل الموسيقى الالكترونية المفعمة بالأحاسيس تتحسس أثر النسمة الكافية على وجهك، وإن حملتك الأقدار يوما إلى الكاف أو شاءت أن تكون سكنك الاول سينتابك الحنين وتغدق عليك الذاكرة صورا كثيرة عصية على النسيان.

وكلما استرسلت النغمات والإيقاعات، كلما اقتربت من حالة "النيرفانا" وأغرقت في اقتفاء أثر الجمال بين ثنايا الموسيقى التي تتجلّى فيها "سكافينيريا" مدينة الحب والحياة والفن، مدينة لا تشبه غير ها من المدن، تماما كما "كركار" المستوحى منها والذي مختلفا متفرّدا فيه سحر يجعلك لا تمل من إعادة الاستماع إليه.

ومن يتابع مسارات الفنان حازم بالرابح، يستشف ميله إلى مزج بعض الأغاني التراثية مع الموسيقى الالكترونية في محاولة لـ"تسريبها" إلى الحياة الليلية، وخلقه لتوليفة موسيقية تنهل من النمط الالكتروني وتستمد خصائصها من الموسيقى التونسية دون أن تشوه إحداهما الأخرى.

رؤية لا تخلو من جمالية وبحث، ينتهجها حازم بالرابح في محاولة لخلق موسيقى لا تستوعب التصنيفات، موسيقى تبعث في التراث روحا أخرى وتحمله في اتجاهات اخرى غير مألوفة.

ومن التراث الكافي، اصطفى اغنية "عالكركار حرامه" لترافق كلماتها الموسيقى التي بدت بمثابة البرزخ الذي يفصل بين عالمين، كلمات وشحتها لبنى نعمان بصوتها البسيط في عمق.

"عالكركار حرامو.. جاني شاقي من بر الحيوان.. علمحرمته العكري.. وحواشيها من حب الرمان"، صدح صوت لبنى نعمان عذبا ناعما يبعث في النفس السكينة ويحملك إلى لحظات الغروب في جبال الكاف.

ومن بين الموسيقى الالكترونية تتسلل أنغام القصبة إذ نفخ فيها العازف محمد بن صالحة بعضا من روحه وبث فيها الكثير من الشجن والحنين واستدرت ذكريات كثيرة كانت ترقد في خانة قصية. 

وعلى إيقاع "القصبة"، تتصاعد إيقاعات الجيمبي إذ هوى عليه "Abdolaye Traore" بيديه وتحملك إلى عوالم الصخب والفرح والحماسة وتسي بك إلى تفاصيل الموسيقى الافريقية.

هي موسيقى مغايرة وتصوّر آخر لاستعادة الأغاني التراثية، صنعتها الموسيقى الالكترونية التي خلقها كل من الفنانين حازم بالرابح  و"Cedric Perras"ونغمات القصبة التي أوجدها الفنان محمد بن صالحة والإيقاعات التي شكّلها "Abdolaye Traore" وصوت لبنى نعمان حينما تماهى معها.

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.