كتاب "تحت راية العُقاب".. حينما يخترق الصحفي الاستقصائي غياهب السلفية الجهادية!

في كتابه "تحت راية العُقاب: سلفيون جهاديون تونسيون" (الديوان للنشر)، يقدم المختص في شؤون الحركات الإسلامية الصحفي الاستقصائي هادي يحمد دراسة معمّقة وجديّة لظاهرة السلفية الجهادية في تونس تقوم بالأساس على جملة من التحقيقات الميدانية حول الجهاديين التونسيين، ويجيب على سؤال شغل بال الكثيرين، خصوصاً بعد تصاعد التيار السلفي خلال السنوات الأخيرة، وهو "ما الذي يدفع شباباً تونسيين إلى الانخراط في فعل القتل والانتحار أو الاتخان والاستشهاد بحسب عقيدتهم؟".

بعيداً عن نظرية "المؤامرة" والتحليلات السطحية السائدة لظاهرة السلفية الجهادية، يغوص يحمد في كتابه آنف الذكر بأسلوب قصصي صحفي شيّق يجبرك على متابعة القراءة دون توقف، في أعماق هذه الظاهرة بالاعتماد على تحقيقات ميدانية ومقابلات أجراها مع قيادات سلفية في تونس مثل زعيم تنظيم أنصار الشريعة المحظور سيف الله بن حسين المكنى بـ"أبو عياض"،في ديسمبر 2011 ، وكذلك أبو أيوب التونسي.

يسلّط الكتاب الضوء على كيفية وصول الظاهرة السلفية الجهادية في تونس إلى ما هي عليه اليوم رغم حداثة عهدها، ويقسّم على هذا الأساس تطور هذه الظاهرة إلى ثلاث مراحل أساسية أسهمت في إيجاد ثلاثة أجيال إلى حدّ الآن.

الجيل الأول، بحسب الباحث، وجد زمنياً في الفترة المتراوحة بين 1992 و2001، وهو كما سمّاه، جيل "جهاديو المنافي".

أما الجيل الثاني فهو جيل "جهاديو السجون" ويمتد زمنياً من 2002 إلى 2011. والجيل الثالث يبدأ زمنياً من 2011، أي ما بعد الثورة، وسماه الكاتب جيل "جهاديو ما بعد الثورة".

وعلاوة عن شرح مفصّل لتكوين الأجيال الثلاثة، يقدم الكتاب تفاصيل حول دور الخلايا الأوروبية في خلق الظاهرة السلفية الجهادية، دون أن ينسى المرور على هجرة الشباب إلى ما يسمى بـ"أراضي الجهاد" كالعراق والشام والصومال وغيرها من بقاع العالم.

وفي محاولة لسبر أغوار هذه الظاهرة، يذكر الباحث المنظّرين و الكتب التي يتمّ اعتمادها كمرجعيات عقائدية للتيار السلفي الجهادي، بالإضافة إلى "الفريضة الغائبة" التي لم تقم بها قيادات هذا التيار في تونس والمتمثلة في القيام بمراجعات حول "فريضة الجهاد" واستعمال العنف على غرار ما حصل في عدد من الدول مثل مصر وليبيا والمغرب.

كذلك يرسم لنا الكاتب "بورتريهات" لجهاديين تونسيين توضح للقارئ خلفياتهم الفكرية والاجتماعية التي قد تساهم بطريقة أو بأخرى في حملهم على اختيار ما يسمونه طريق "الجهاد".

كما يأخذنا الكتاب في رحلات مثيرة و"خطيرة" تبيّن الطريق التي يسلكها السلفيون الجهاديون للوصول إلى "أرض الجهاد" التي اختاروها، علماً وان هذه الطريق لا تكون مباشرة ولكنها تكون عبر التنقل عبر عدد من الدول العربية في بعض الحالات، والغربية في حالات أخرى.

حري بالإشارة إلى ان الكتاب يمثّل في مجمله دراسة نحن بأمس الحاجة عليها مع تعاظم الظاهرة السلفية الجهادية، لا في تونس فقط وإنما في العالم، خصوصاً وان مواجهتها والحدّ منها لا يكون أمنياً فقط، بل يتطلب فهماً واضحاً لأسبابها وأبعادها مع الابتعاد عن المزايدات والتدثّر بعباءة نظريات المؤامرة.

هذا الكتاب هو خطوة أولى لفهم هذه الظاهرة خاصة انه يتناولها بعمق ويسبر أغوارها بكل موضوعية وبعيداً عن الآراء والأحكام المسبقة أو السعي للاثارة وجلد ذات  الآخر.

 

آخر الأخبار

الأكثر قراءة

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.