كتاب “مدينة تونس حاضرة عربية متوسطية”.. متحف مميّز لتراث شديد التنوع

مروى الدريدي-

ما تزال الحاضرة تونس تُسيل حبر المؤرخين والباحثين والكتاب، إذ أن موقعها المميز ومعمارها الثري بصنفيه العربي الاسلامي والأوروبي المتوسطي والحضارات المتواترة عليها، مثلوا دافعا لهم لمزيد الامعان في هندستها وسبر أغوارها، لما تزخر به من ثراء وتنوع حضاري مميز، انها باختصار مدينة تونس الحاضرة العربية المتوسطية.

مدينة تونس حاضرة عربية متوسطية هو مؤلف جماعي ضخم من حيث الحجم ومميز من حيث المحتوى الثري جدا، ساهم في انجازه مدير البحوث عبد العزيز الدولاتي وبدعم من أستاذ التاريخ والآثار الاسلامية ورئيس المجمع المتوسطي ميشال تيراس، وبمساهمة كل من فوزي محفوظ وسلوى درغوث، وتولى ترجمعة الكتاب إلى الفرنسية كل من عبد الحفيظ الهرقام والناصر البقلوطي.
 
وقد نُشر هذا الكتاب المميز مساهمة من وكالة احياء التراث والتنمية الثقافية في فعاليات تونس عاصمة الثقافة الاسلامية 2019 ثم احتفالا بالذكرى الأربعين لتسجيلها في سنة 1979 من قبل اليونسكو على قائمة التراث العالمي، وتمّ تقديمه بمتحف باردو بحضور وزير الشؤون الثقافية.
 
"كتاب تونس حاضرة عربية متوسطية يُقرأ كرواية لمغامرة، وهو يعرض على أنظار قارئه متحفا حيّا يقود كلّ واحد منّا نحو اكتشافات متتالية حلّلت بعمق واسهاب"، الكلام لأستاذ التاريخ والاثار الاسلامية ميشال تيراس، الذي عبّر عن غبطته عندما يفكّر في أن العديد من القرّاء سينضمّون من خلال هذا العمل الجماعي، إلى فرقة المعجبين بمدينة ارتقت إلى منزلة تجمّع حضريّ استثنائي.
 
والمتمعن بالنظر في مدينة تونس يلاحظ أنها فسيفساء ثرية جدا، إذ أن كل جزء منها يحكي تاريخا وفنّا، جوامع ومساجد وكنائس وزوايا لأولياء صالحين ومدينة عتيقة وأخرى حديثة أزقة وأحياء ومواقع أثرية أبواب ودور وقصور وأسواق، أعلامها ونساؤها ممن أثروا في عصرهم، فالتاريخ حاضر في كل زواياها كذلك التراث فيها  حيّ لا يموت.
 
هذه الفسيفساء البديعة جسدها كتاب تونس حاضرة عربية متوسطية وتحدث عنها بإطناب، ومثل متحفا مفتوح الفضاء والزمان فهو مزيج من مقالات ودراسات مدعمة بصور فوتوغرافية حديثة منها وقديمة وكتابات ورسوم وفنون تشكيلية وخرائط وشهادات ثمينة زادتها قيمة علمية كبرى.
 
يقول عبد العزيز الدولاتي إن المتصفح لهذا الكتاب بإمكانه متابعة ما شاهدته ربوعها من حركات فكرية وأدبية واتجاهات دينية وتحولات اجتماعية وابداعات فنية من حرف وصناعات تقليدية وموسيقى وفنون تشكيلية مع ما طبع الحياة اليومية من عادات وتقاليد على مرّ العصور".
 
وقد تبوأت تونس من خلال ذلك مكانا مهمّا ضمن ترتيب اللائحة العالمية ومن ثمّ اختيارها عاصمة للثقافة الاسلامية، وهنا يقول المدير العام لوكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية مهدي نجار في نص تهميده للكتاب، "إن هذه المكانة أتت اعتبارا لأسباب موضوعية بصفتها واحدة من أعرق المدن في المغرب العربي التي ساهمت بفضل موقعها الجغرافي في مفترق الطرق البحرية والقوافل الصراوية في شمال افريقيا وفي شرقي الضفاف الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط في نشر القيم الحضارية ذات البعد الانساني لا سيما إثر ارتقائها منذ عهد الموحدين ثم الحفصيين إلى منزلة واحدة من بين أكبر وأثرى العواصم في العالم العربي والمتوسطي".
 
إنّ هذا الكتاب القيم والثمين يُشعر الباحث في صفحاته والقارئ في سطوره والمتمعن في صوره بالفخر للانتماء لهذا البلد الذي يضمّ تاريخا حافلا شديد التنوع وتراثا حيّا لا يموت ما يزال يثير قريحة المؤرخين والباحثين للكتابة عنه، كما أنه يمثل وثيقة علمية مهمة يمكن أن يجد فيها طلاب العلم والأجانب والمهتمين بالفن والمعمار والزخرفة والعلم والأدب والفكر والثقافة ظالتهم، كما أنه يحفظ الذاكرة الجماعية لهذا البلد الثري، ولا يسع إلا تثمين المجهود الكبير الذي بذله كل القائمين على انجازة دون استثناء من وزارة الثقافة ووكالة احياء التراث والتنمية الثقاية والـ32 كاتبا وباحثا الذين حرروا مقالاته، فزاويته مميزة جدا وتجلت من خلاله فعلا مدينة تونس كحاضرة عربية متوسطية. 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.