محمد العربي بن عثمان-
ادى قطاع البناء والاشغال العمومية منذ عقود دورا رياديا في الارتقاء بنمط عيش التونسيين ومكن الفئات الاجتماعية ذات الدخل المتوسط والمحدود من تحقيق حلمها المشروع في امتلاك منزل عائلي .
واقع عكسه التطور العمراني الهائل الذي شهدته مختلف المناطق الحضرية والريفية اليوم والذي بات يعكس مدى مواكبة القطاع لحاجيات التنمية من البناءات والسدود والبنية الاساسية للطرقات والطرقات السريعة والمحولات والمناطق الصناعية وغيرها من المرافق العامة .
ورغم التطور التقني الذي شهده القطاع خلال العقدين الماضيين على مستوى تطوير التجهيزات والمعدات الحديثة ومواكبة الانجازات التي تتماشى والحداثة والارتقاء بجودة الخدمات فان هذا الجهد الذي راكم خبرة عقود لدى مقاولي البناء والاشغال العمومية لم يواكبه تطور في واقع القطاع الذي مازال الى اليوم يرزح تحت وطاة المشاكل والاعباء المالية التي حالت دون بلوغه الفاعلية المنشودة ( دور اقتصادي متميز واعباء بالجملة).
واذا كان المثل الرائج في اوساط المهنيين انه كلما نشطت اشغال البناء فان كل القطاعات تنشط تباعا فان العكس صحيح اذا لم يتوفر الاطار القانوني الملائم والحوافز المشجعة على الاستثمار والابتكار وتحديث معدات العمل ورفع نسب التاطير عن طريق استيعاب مزيد من الكفاءات في هذا القطاع الحيوي .
مازال قطاع المقاولات والاشغال العمومية يمثل حجم استثمارات تفوق 800 مليون دينار ويحقق اكثر من التزامات عقود التصدير كما يستوعب طاقة متنوعة من الايدي العاملة المختصة لكنه في نفس الوقت يعد المتضرر الاكبر من اعباء الضرائب والاداءات والزيارات المشطة في مواد البناء علاوة على مواجهة خطايا تاخير تسليم الاشغال والبطء الاداري في استخلاص مستحقات المشاريع المنجزة وفق اجال العقود.
هذا ومع تواصل الركود الاقتصلدي وتراجع العملة الوطنية وما تكبده القطاع منذ سنة 2011 من خسائر بسبب تعطل المشاريع وسرقة المعدات وتحمل المهنيين لمديونية ثقيلة لدى البنوك فان قانون المالية لسنة 2018 تضمن اجراءات من شانها ان تزيد في تردي وضع القطاع ليفقد بذلك موقعه الاقتصادي والاجتماعي المتميز .
وما فتئت الجامعة الوطنية لمقاولي البناء والاشغال العمومية تطرح هذا الواقع المرير على وزارتي التجهيز والمالية ورئاسة الحكومة قصد اخراج هذا القطاع من عنق الزجاجة ووضع استراتيجية وطنية للنهوض بالقطاع الا ان كل هذه المناشدات بقيت تراوح مكانها .
هذا وكثف المكتب االجديد للجامعة والذي تم انتخابه في المدة الاخيرة برئاسة السيد خالد الكسيبي اتصالاته ولقاءاته ومراسلاته الوزارات ذات الشان والمعنية بالقطاع مؤكدا على تازم الوضع الذي بات انقاذه من الاولويات حتى يستعيد حيويته واشعاعه المعهود.
فهل تستجيب سلط الاشراف لهذه النداءات المتكررة ويتم الخوض في هذا الملف الذي ارهق المهنيين لفترات طويلة وجر للافلاس بعضهم الاخر وقاد مؤخرا احد المقاولين للانتاحر بسبب المديونية؟