سكت دهرا ونطق "جهويات".. ذاك ما فعله الهاشمي الحامدي زعيم تيار "المحبة" الذي قاد مساء اليوم مسيرة "زعم" أنها لتصحيح مسار الثورة لكنها حادت عن المسار بعد أن تاه "ساكن لندرة" في شارع الحبيب بورقيبة وقسّم الشعب صنفين: من يحرق جسده من أجل المطالبة بالتشغيل، ومن ينفق ألفي دينار للتحول إلى جوهنزبورغ لمؤازرة فريقه، في إشارة إلى جمهور النجم الساحلي ممثل كرة القدم التونسية الذي يخوض ذهاب نهائي كأس الاتحاد الإفريقي بعد أقل من شهر في بلاد "مانديلا" وإيابا في سوسة..
الحامدي جاء من عاصمة الضباب منذ أيام بعد أن رماه صندوق الاقتراع خارج دائرة الحكام وألقى به خارج اللعبة السياسية، وأوهم البسطاء من أبناء الشعب، خلال جولته في شوارع العاصمة، بأنه عاد ليقود ثورة جديدة وأن البلاد في حاجة إلى تعديل مسارها، لكنه أخطأ العنوان بعد أن سمح لنفسه بأن يكرس نعرة "الجهويات" ويوظفها في خطابه الذي زاد الطين بلة وعوض أن يعالج قضية البطالة والمشاكل الاجتماعية، قسم الشعب نصفين، فزاد في عمق الجرح، ولو أن أبناء تونس العقلاء لا يمكن أن ينصتوا لكل من يبث سموم الفتنة ونار الفرقة بينهم وخصوصا من باعث "المستقلة" الذي فاته الركب وظل وحيدا يرقص كالديك المذبوح..
و حتى لا ينسى صاحب تيار المحبة، فإن نجم الساحل شرف تونس ورفع راية الوطن تسعين سنة، ومن سيطير إلى جنوب إفريقيا في نوفمبر لن يذهب للسياحة، بل سينفق من ماله الخاص من أجل الوقوف وراء ممثل تونس الذي يواجه فريقا منافسا من أجل تحقيق لقب قاري جديد من شأنه ان يزيد من أمجاد كرة القدم التونسية كما ذكر الذين سبقوه، أما الحامدي فسيلفظه التاريخ، وحتى الجغرافيا، لأن تونس تتسع للجميع، لكنها لا تقبل الحاقدين..
باعث تيار المحبة كان يفترض أن يسهم في نشر ثقافة التسامح والمحبة كما يشير إلى ذلك اسم حزبه لكنه اختار أن يترك شعار "التيار" ويجدف خارج المسار منزلقا في متاهة الجهويات وتقسيم التونسيين..