قرار هيئة مراقبة دستورية مشاريع القوانين بشأن عريضة الطعن في قانون المالية التكميلي لسنة 2018

 حقائق أون لاين-

قرّرت الهيئة الوقتيّة لمراقبة دستورية مشاريع القوانين قبول الطعن في دستورية مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2018، شكلا ورفصه في الأصل.

وقد تضمنت عريضة الطعن التي توجه بها مجموعة من النواب إلى الهيئة نعيا على مشروع القانون عدد 73/2018 لعدم دستورية الإجراءات التي تمّ بها تقديم المشروع أمام مجلس نوّاب الشّعب فيما اعتبره الطّاعنون مخالفة لمقتضيات ومقاصد الفصول المشار إليها بالطّالع من الدّستور وخاصّة الفصل 62 منه حسب ما يرتّبون تفصيل ذلك كالآتي:

أوّلا : في مخالفة إجراءات تقديم مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2018 للدّستور والقانون:
حيث أنّ العارضين وبعد عرضهم لمختلف المراحل الإجرائية التي تمّت من خلالها إحالة المشروع المطعون فيه إلى مجلس نوّاب الشّعب ومناقشته والمصادقة عليه من قبل هذا المجلس أثاروا الإخلالات التي شابت إجراءات عرض هذا المشروع على المجلس التشريعي معتبرين أنّ غياب رئيس الحكومة عن الجلسة العامّة المخصّصة للتداول والمصادقة على المشروع المذكور وتولّي وزير المالية تقديمه أمام الجلسة العامّة فيه مخالفة صريحة لمقتضيات الفصل 62 من الدّستور لأنّ الفقرة الثانية من هذا الفصل أفردت رئيس الحكومة وخصّته بتقديم مشاريع قوانين الماليّة سواء كانت هذه المشاريع عاديّة أو تكميلية باعتبار أنّ عبارة الدستور لم تميّز بين إجراءات تقديم مشروع قانون المالية العادي أو التّكميلي ووردت هذه العبارة في صيغة الإطلاق فتؤخذ على إطلاقها.
 
وفي جانب ثان من هذا المطعن يرى العارضون أنّ الدّستور لا يخوّل لرئيس الحكومة أنّ يفوّض صلاحيّاته في مجال تقديم مشروع قانون المالية أصليّا أو تكميليّا حسب منطوق الفصل 92 من الدّستور الذي يجيز لرئيس الحكومة تفويض البعض من صلاحيّاته إلى الوزراء إلاّ في إطار السّهر على تنفيذ القوانين دون أن يتعدّى ذلك إلى الحقّ في تفويض تقديم مشاريع القوانين، كما أنّ رئيس الحكومة لم يفوّض سلطاته حسب الفصل المشار إليه ولم يكن في حالة تدعو إلى هذا التفويض.
 
وإضافة إلى ذلك فإنّ العارضين يعتبرون أنّ عدم جواز التفويض في مجال تقديم مشاريع قوانين المالية يجد سنده في التّشريع إلى جانب الدّستور حيث أنّه بالرّجوع إلى القانون الأساسي للميزانية وإلى الأمر عدد 316 لسنة 1975 المتعلّق بضبط مشمولات وزارة الماليّة لا يوجد ما يشير إلى أيّ تفويض إلى وزير الماليّة فيما يخصّ تقديم مشاريع قوانين الماليّة وعلاوة على ما تقدّم بسطه فلم يراسل رئيس الحكومة رئيس مجلس نوّاب الشّعب لإعلامه بتفويض وزير المالية لتقديم مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2018، الأمر الذي يتّجه معه طلب التّصريح بعدم دستورية المشروع الماثل.
 
ثانيا: في الإدّعاء بخرق السّلطة الرّقابية لمجلس نوّاب الشّعب على الحكومة:
 
يعيب النّوّاب العارضون على المشروع الماثل في هذا الجانب من المطعن أنّ عدم تقديم مشروع قانون المالية من قبل رئيس الحكومة يخلّ بالتّوازنات الدستورية الأصلية القاضية بالفصل بين السّلط بسبب الخرق الواضح للصّلاحيات الرّقابية لمجلس نوّاب الشعب على عمل الحكومة لكون تقديم هذا المشروع من رئيس الحكومة يمثّل فرصة لمجلس نوّاب الشّعب لمراقبة عمل الحكومة والتّداول مع رئيسها وبحضوره حول مسؤولية الحكومة في التّقديرات ومشروعيّة التغييرات المقترحة.
 
وفي ردّها على ما جاء في عريضة الطّعن تقدّمت الحكومة بملاحظاتها المفصّلة كالآتي:
 
أوّلا: في الرّدّ على المطعن المتعلّق بمخالفة مقتضيات الفصل 62 من الدّستور:
 
تدفع الحكومة هذا المطعن بالقول أنّ صلاحيّة تقديم مشروع قانون الماليّة التكميلي تمارس بعرض المشروع على مجلس نوّاب الشّعب بمقتضى إحالة رسميّة تمضى من قبل جهة المبادرة وهو ما حصل في نظرها بالنسبة للمشروع الماثل، وهذا الرّأي تدعمه الحكومة بالاستناد الى الفقرة الثانية من الفصل 62 من الدّستور التي تنصّ على إفراد رئيس الحكومة بصلاحيّة تقديم مشاريع قوانين الموافقة على المعاهدات ومشاريع قوانين المالية بمعنى أنّ هذه الفقرة من الفصل المشار إليه تسند حق المبادرة التشريعيّة في المادّتين المذكورتين بصفة حصريّة إلى رئيس الحكومة بخلاف ما ذهب إليه العارضون الذين يعتبرون أنّ تقديم مشاريع القوانين في إطار المبادرة التشريعية يتمثّل في الحضور المادّي والشخصي لجهة المبادرة، وتدعم الحكومة رأيها في هذا الاتجاه بالرّجوع إلى الفصل 139 من النظام الدّاخلي لمجلس نوّاب الشّعب الذي ينصّ على أنّ ممثّل جهة المبادرة هو الذي يتولّى حضور الجلسة كما يتولّى الإجابة عن تدخّلات الأعضاء.
 
وكذلك إلى الفصل 116 من نفس المرجع الذي ينصّ على أن تعطى الكلمة في الجلسة العامّة المخصّصة للتّداول في مشاريع القوانين لعضو الحكومة أو مدير الدّيوان الرئاسي وذلك نيابة عن جهتي المبادرة التشريعية وهما رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية.
 
إضافة إلى ما تقدّم فإنّ الحكومة تجد في الفصل 136 من النظام الدّاخلي لمجلس نوّاب الشّعب ما يقوّي حجّتها في هذا الاتجاه لكونه ينصّ على عدم جواز تقديم مشروع قانون تمّ رفضه من الجلسة العامّة إلاّ بعد مضيّ ثلاثة أشهر من تاريخ الرّفض وتفسّر الحكومة التقديم في هذا المعنى بممارسة المبادرة التشريعيّة وليس بحضور الجلسة العامّة.
 
ولهذه الأسباب وتأسيسا على ملاحظاتها المتقدّمة تطلب الحكومة ردّ المطعن من هذه النّاحية.
 
أمّا بخصوص ما يطلبه العارضون من مراقبة دستوريّة تفويض تقديم مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2018 تردّ الحكومة بأنّ هذا المطعن استند بدوره إلى تأويل خاطئ لصلاحيّة تقديم مشاريع القوانين مثلما بيّنته فيما تقدّم من ملاحظاتها.
 
ثانيا: في الرّدّ على المطعن المتعلّق بالادّعاء بخرق السّلطة الرّقابية لمجلس نوّاب الشّعب على الحكومة :
 
تدفع الحكومة هذا المطعن بالقول بأنّ الرّقابة لها عدّة أوجه ومجالات وقد ضبطها النظام الدّاخلي لمجلس نوّاب الشّعب وتتمثّل في الأسئلة الكتابية والشّفاهيّة التي يمكن توجيهها إلى أعضاء الحكومة وكذلك في جلسات الحوار مع أعضاء الحكومة والتّصويت على لائحة لوم ضدّ الحكومة وجميع أوجه الرّقابة المتقدّم بيانها لم يشترط فيها النظام الدّاخلي الحضور الشخصي لرئيس الحكومة عدا جلسة التّصويت على الثّقة في مواصلة الحكومة نشاطها.
 
وبناء على هذا التفسير الذي تؤيّد به الحكومة رأيها في دفع هذا المطعن وكذلك في دفع المطاعن المتقدّم الإشارة إليها تطلب رفض الطّعن في المشروع الماثل لافتقارها إلى الجديّة وعدم الوجاهة.
 
وفي ما يلي ردّ الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين:
 
من حيث الشّكل:
 
حيث أنّ الطّعن الماثل تمّ رفعه لدى الهيئة في الآجال القانونية وممّن لهم صفة وفقا للإجراءات الواجب احترامها حسب دلالة الفصول 18 و 19 و 20 من القانون الأساسي عدد 14 لسنة 2014 المؤرخ في 18 أفريل 2014 المتعلّق بالهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين وبالتّالي فهو حريّ بالقبول من هذه النّاحية.
 
من حيث الأصل:
 
حيث تنص الفقرة الثانية من الفصل 62 من الدّستور على ما يلي :"ويختصّ رئيس الحكومة بتقديم مشاريع قوانين الموافقة على المعاهدات ومشاريع قوانين المالية"،
 
وحيث أن المقصود بذلك أن رئيس الحكومة هو المختصّ بتقديم مشاريع قوانين المالية،
 
وحيث ثبت من أوراق الملف أن رئيس الحكومة وجّه إلى رئيس مجلس نوّاب الشّعب مكتوبا بتاريخ 12 أكتوبر 2018 تضمّن عرض مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2018 على مجلس نوّاب الشّعب،
 
وحيث لم يحضر رئيس الحكومة خلافا لما دأب عليه بخصوص مشاريع قوانين المالية الأصلية وحضر وزير المالية الجلسة العامة بمجلس نوّاب الشّعب بتاريخ 21 نوفمبر 2018 كما جرت عليه العادة ضرورة أنّه يكفي أن يقدّم رئيس الحكومة مشروع قانون المالية التكميلي حتى يكون التقديم مطابقا للفصل 62 من الدّستور وذلك دون حاجة إلى حضوره شخصيا الجلسة العامة لمجلس نوّاب الشعب للتداول والمصادقة عند الاقتضاء،
 
وحيث ترتيبا على ذلك فإن رئيس الحكومة هو من تولى تقديم مشروع قانون المالية التكميلي وتعيّن لذلك معه ردّ هذا الطعن.
 
ولهذه الأسباب وبعد المداولة، قرّرت الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين قبول الطعن شكلا ورفضه في الأصل.
 
النواب الطاعنون في مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2018: 
 
وتتضمّن عريضة الطعن النّواب الآتي ذكرهم: درّة اليعقوبي – سامية حمودة عبو – أنس الحطّاب – الخنساء بن حرّاث – هدى تقية – أميرة الزكراوي– أسماء أبو الهناء – أيمن العلوي – محمد رمزي خميس – فيصل التبّيني– عماد أولاد جبريل – طارق الفتيتي– حسن العماري – نزار عمامي– صبري دخيل – مراد الحمايدي– شكيب باني – عماد الدّايمي– عبد العزيز القطي – يوسف الجويني – عدنان الحاجي –حسام بوننّي – ياسين العياري – محمد الفاضل بن عمران –المنجي الرّحوي – زياد الأخضر – زهير المغزاوي– أحمد الصّديق – غازي الشوّاشي – سفيان طوبال – المنذر بالحاج علي.
 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.