"الطمع ضر، ما نفع" ..مثلٌ بدا منسجما اليوم مع بعض تمظهرات المشهد السياسي في تونس وتجسّد بصورة واضحة في طمع قائد السبسي في استقطاب رموز حزب التجمع الدستوري المنحل وإعادتهم إلى الحياة السياسية وضمهم حزب النداء بهدف تقويته وتعزيز صفوفه فأقر إعفاء وقانونا للمصالحة، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن إذ انقلب تيار عودة رموز التجمع الى حزب محسن مرزوق الذي بات المنتفع الأول من استتباعات المصالحة.
قائد السبسي فتح أبواب العودة إلى الحياة السياسية على مصراعيها لشخصيات قادت حزب التجمع الدستوري المنحل من خلال طرح قانون المصالحة، فكان ذراعه السابق، محسن مرزوق، المنتفع الأول بتأشيرة عودة التجمعيين الى ساحة المعارك السياسية وصراعاتها.
وبعد إقرار المصالحة مع موظفي بن علي، بات ضمُّ قيادات حزب التجمع الدستوري المنحل مُعلنا ومفخرة لمحسن مرزوق الذي خيّر الاحتفال بتاريخ 7 نوفمبر، ذكرى صعود الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي الى السلطة، بطريقة رمزية نشر ضمنها صورا له مع تجمعيين سابقيين ومن جهات مختلفة ليُظهر نفسه كونه " الأب الروحي" لرموز النظام السابق بدلا عن السبسيين الأب والابن.
ويوم 7 نوفمبر 2017 انضم الى حزب محسن مرزوق عدد هام من أعضاء اللجنة المركزية للتجمع الدستوري الديمقراطي على غرار فاطمة صفر فرح ومحمد الشريطة وفاضل بوقطف طبيب معلنين ظهورهم مجددا ورغبتهم في العودة الى السلطة بعد انتفاعهم باجراءات المصالحة التي اقترحها النداء وزكتها النهضة.
وبالعودة الى منطق الضرر والنفع، يبدو أن الطمع في عودة التجمع الى الحياة السياسية باستعمال تأشيرة المصالحة قد أضر مبدئيا بحزب النداء وفي المقابل قوّى مرزوق الذي دافع بشراسة ونوابه على المصادقة على قانون المصالحة وفتح اليوم باب مقر حزبه لكل تجمعي راغب في العودة الى الحكم والسلطة.
وفي هذه الفترة الذي تقنّنت فيها عودة التجمعيين الى المشهد السياسي وتم فيها العفو عنهم ، يبدو أن الطُعم الذي وضعه مرزوق لاستقطابهم فاق تأثيره أشعار برهان بسيس ومغازلاته لاصدقائه من حزب التجمع ومؤكد أن التنافس على اعادتهم الى السلطة سيشتد مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية بهدف الاستفادة أكثر ما يمكن من "الماكينة التجمعية".