في معركة الـولاّدة والوسّـادة:”وحلـِتْ المنجل في القـُلـّة”

  بسام حمدي-


"وحلـِتْ المنجل في القـُلـّة" ولن يكون خلاص المنجل إلى بكسر القلة، مثل شعبي ينسحب على واقع الأزمة الدستورية القائمة في تونس وهي الأزمة التي تولدت عن معركة سياسية بين "الولاّدة" و"الوسّادة" ضيّقت الخناق على رئيس الحكومة هشام مشيشي وعطلت الحكم في البلاد.
 
وجرّ العراك السياسي بين "ولاّدة" هشام مشيشي (رئاسة الجمهورية) و"الوسّادة" له ( أحزاب الحزام البرلماني) ،بشأن الأحقية في احتواء الحكومة، تونس إلى أزمة غير مسبوقة بلغت حد الفراغ في الحكم والجمود في 11 حقيبة وزارية.
 
تونس اليوم تعيش على وقع انفجار سياسي وتشظي الحكم في ظل نظام تتنازع فيه مؤسسات الدولة على الصلاحيات وتحاول فيه أطراف تطويع أحكام الدستور وفق أهوائها وخياراتها مستغلة غياب المحكمة الدستورية وهو ما سحبنا إلى نفق مظلم حلول الخروج منه إجبارية للمشيشي وحلفائه الداعمين له ووجوبية في نظر قيس سعيد.
 
هو "المنجل" الذي علق في عنق "القلة"، هشام مشيشي الذي دفعته أحزاب النهضة وقلب تونس لعرض التعديل الوزاري على مجلس نواب الشعب ورمي الفصل 92 من الدستور بعرض الحائط، لن يستطيع الخروج من "القلة" إلا بكسرها، أي بالاستقالة أو سحب الثقة من الحكومة في البرلمان.
 
وظل مشيشي يراوح مكانه، ولم يعد الحمل "الزقفوني" له من طرف الأحزاب نافعا، فبقي يستجدي قيس سعيد لقبول التعديل الوزاري ويستنجد بالمحكمة الإدارية وخبراء القانون الدستوري الذين لم يوفروا له أية حلول تنقذه من الخناق الدستوري الذي قيّده.
 
قيس سعيد الذي يتسلح بدرايته للشأن الدستوري ظل يناهض التعديل الوزاري ويترقب كسر "القلة"،فبقي يدفع بالمشيشي إلى تقديم الاستقالة لحل الأزمة العالقة حتى يستعيد آلية اختيار شخصية لتكوين حكومة، ربما ستصطدم مواقفه الدستورية، بمناورة من النهضة وحلفائها الذين قد يعجلون بسحب الثقة من الحكومة قبل أن يستقيل رئيسها ومن ثم إعادة تكليفه بتكوين الحكومة من طرف الحزب الأول في البرلمان "النهضة" طبقا للفصل 89 من الدستور.
 
ولعل استقبال قيس سعيد لعدد من مجلس نواب الشعب خطوة أولى نحو حلحلة الأزمة دستوريا إما باقناعهم بدفع مشيشي للاستقالة كخيار أول أولاقناعهم بسحب الثقة من الحكومة كخيار ثان يزيح مستشاره السابق ( مشيشي) من الحكم انتقاما منه.
 
هي في الحقيقة "عقدة دستورية" لم يخطط لها سعيد ولم تنبته لها أحزاب الحزام البرلماني الداعم للحكومة التي ظنت أن رئيس الجمهورية سيتعامل مع عرض التعديل الوزاري على البرلمان مثل أسلافه في قصر قرطاج بقبوله هذا التعديل دون اعتراض عليه، لكن ما كل مرّة تسلم الجرة.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.