في عرض “نجوم من فلسطين” : لكلّ نجم نصيبه من الألق..

يسرى الشيخاوي-

تشير الساعة إلى الثامنة والنصف مساء، الممرّات والمدارج في مهرجان قرطاج تبدو خاوية على عروشها، وصوت الفنّان الفسلطيني الشاب أمير دندن، يتسلّل من “البروفا” إلى محيط المسرح والراقصون يهزون أكتافهم ويضربون بأرجلهم على الركح وهم يتدرّبون على رقصة “الدبكة”.

تتتالى الدقائق ويقترب موعد عرض نجوم من فلسطين، تبدو بعض المدارج فارغة وحتى المكان المخصّص للمقاعد مسّه الشغور، لم تكن الجماهير غفيرة، والفنّانان الفلسطينيّان أمل مرقس وأمير دندن لم يغنّيا أمام مدارج فارغة.

وبطلّة جنيّة من حكايات عالم الأطفال، أطلّت أمل مرقس بفستانها الأزرق على الركح وأطلقت العنان لصوت رقيق وعظيم، “رافعة رأسها حرة” غنّت ” صوت المرأة”، وكان صوتها “جمرة” و “وردة حمرة”.

بصوت ناعم ألقت كلمات أغنية “غريب في مدينة بعيدة”، قبل أن ينساب صوتها ليتجاوز حدود الزمان والمكان ويتدفّق معه سيل من الحنين إلى “الوردات” و”الينابيع”، والصبا الجميل.

وعلى شمالها فرقة “أصايل” للفنون الشعبية برام الله وعلى يمينها فرقة تونسية يقودهما “المايسترو” نبيل زميط، انحنت أمل مرقس لجمهورها الذي لوّح لها بأعلام فلسطين، تعبيرا عن سعادتها بتحقيق حلمها بالوقوف على مسرح قرطاج.

ربّما هي هيبة لحظة وقوفها على المسرح، أو غمرة نشوتها بتحقيق حلمها، المهم أنّ “على هذه الأرض ما يستحق الحياة”، بروح جديدة ومعنى أعمق وبصوت يجمل في أوتاره حبّ بلدها ألقت مرقس كلمات القصيد.

مرقس التي بدت منتشية على المسرح، جمعت بين تونس وفلسطين في أشجار الزيتون والعنب والدوالي والبيوت القديمة وبحضور راق وصوت عذب توّاق إلى الحرّية، غنّت مرقس “حكاية” “جيفارا” ودوّت مفردة ” ثوروا” في أرجاء المسرح على وقع هتاف الجمهور وأنغام التشيلو الحرّة كتراتيل الملائكة.

وكان التراث الفلسطيني حاضرا، إذ رقصت فرقة “أصايل للفنون الشعبية برام الله” على ” “آه يا أسمر اللون” و” لا يا با لا لا” و” ع الروزانا”، وهي أغان تميّز الأعراس الفلسطينية في الجليل والنقب والمثلث وبير الزيت وهي لأعظم ملحّن “الشعب”، كما وصفته أمل مرقس.

أمل مرقس تحمل فلسطين في صوتها، وهي تغني تتراءى لك المدن العتيقة والأبواب القديمة وأشجار الزيتون ونظرات الحنين في أعين العجائز، أمل التي تحمل من معنى اسمها الكثير ختمت وصلتها الغنائية على مسرح قرطاج بـ” أناديكم”.

وكان للجمهور موعد ثان مع نجم من فلسطين وهو أمير دندن. عرفه الوطن العربي من برنامج “آراب آيدل” الذي نجح في الوصول إلى مرحلته النهائية، ويبدو من خلال متابعة الوصلة الغنائية لدندن أنّه تعامل مع ظهوره على مسرح قرطاج بـ”عقلية”، برامج اكتشاف المواهب.

في عرض بعنوان “نجوم فلسطين”، كان ينبغي لأمير دندن أن يفتتح وصلته الغنائية، بأغنية من إنتاجه الخاص أو أخرى من التراث الفلسطيني ليتناغم مع موضوع السهرة.

ولكن يبدو أن أمير دندن ركّز أكثر على إبراز قدراته الصوتية التي خوّلت له اعتلاء ركح مسرح قرطاج، فغنّى “الليل يا ليلى” للفنّان وديع الصافي و”يا حبّي اللي غاب” للموسقار الراحل ملحم بركات و”خليك هنا” لوردة الجزائرية، قبل أن يغني “وين عرام الله” و”يا ظريف الطول”.

ومن انتاجه الخاص غنّى أمير دندن “سكّر كلامك”، وبرهن للجمهور امتلاكه لإمكانيات صوتية عالية، جمهور تفاعل معه وتمايل على إيقاعات أغنية “يا طير الطاير” وهي من التراث الفلسطيني، غنّاها محمّد عسّاف، وسكب فيها دندن من روحه وغنّاها بطريقة مختلفة.

وفيما قطرات المطر تتساقط، غنّى أمير دندن “آكدلالي” للفنان التونسي هادي حبوبة تحيّة منه لتونس، وكما رقص الجمهور بشقيه التونسي والفلسطيني “الدبكة” رقص “الفزّاني”.

وفي علاقة بالإخراج الركحي كان ينبغي لراقصي “الدبكة” الذين رافقوا أمل مرقس وأمير دندن في عرض نجوم فلسطين أن يتوزّعوا على كافة الركح لا أن يتجمعوا على يسارهما، وهذا لا ينفي أن العرض كان وفيا لاسمه وكان دندن ومرقس نجمين من فلسطين لكلّ منهما نصيب من الألق.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.