في ظلّ بطء المسار الانتخابي..هل نسير نحو وضع دستوري مستحيل ؟

رغم مرور شهرين ونيف عن تاريخ انتخاب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وشروعها في المهام المناطة بعهدتها، فإنّ المسار الانتخابي مازال يتّسم بشيء من الضبابية والبطء لأسباب عديدة تتداخل فيها المسؤوليات خاصة بين المجلس الوطني التأسيسي والحكومة المؤقتة.

ويؤكد الخبراء أنّ الاعداد الجيّد لانتخابات ديمقراطية تستجيب للمقاييس الدولية في النزاهة والشفافية يتطلّب توفير مساحة زمنية لا تقلّ عن 8 أشهر حتّى يتسنّى للهيئة المشرفة على هذه العملية تهيئة كلّ عوامل النجاح الضامنة لنيل ثقة المتنافسين وتجنّب الطعون والتشكيكات.

تأخر تحديد موعد رسمي ونهائي للاستحقاقات الانتخابية المقبلة وعدم التسريع في المصادقة على قانون انتخابي توافقي يضبط كلّ الشروط والاليات والممهدات الموضوعية لاجراء انتخابات نزيهة وشفّافة تكون في مستوى التطلّعات، كلّها مؤشرات تدلّ على تعطلّ هذا المسار الذي ينتظر أن يضع بالمحصّلة حدّا للفترة الانتقالية التي طال أمدها وهو ما انعكس سلبا على القضايا المحورية والملفات الاساسية التي نادت بها الثورة حيث بقيت حسب بعض المراقبين مجرّد طموحات وأهداف منشودة تنتظر التجسيد بصفة فعلية على أرض الواقع.

وإزاء عدم وضوح المشهد الانتخابي ومع تواصل التهديدات الإرهابية، يبقى السؤال مطروحاً بشكل ملحّ حول مدى إمكانية إجراء الانتخابات المرتقبة في الحيّز الزمني الذي حدّده الدستور الجديد وهو موفى السنة الحالية .

مخاوف من خرق الدستور

يقول الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي في تصريح لحقائق أون لاين بخصوص هذا الموضوع الحارق انه قد بات من الصعب إجراء الانتخابات القادمة قبيل انقضاء سنة 2014 لا سيما وان المناخ العام المتعلق بمسائل من قبيل تحييد دور العبادة عن التجاذبات السياسية وتطهير الإدارة من التعيينات الحزبية التي لم يحترم فيها مبدأ الكفاءة والخبرة مازال لم يتوفر بعد من أجل تذليل كلّ العقبات والمطبّات التي من شأنها أن تمسّ من مصداقية وشفافية العملية الانتخابية برمّتها.

وأضاف ان الشروط الضرورية لإجراء انتخابات ديمقراطية ونزيهة لا تقتصر فقط على هذه الإشكاليات بل تشمل أيضاً حتمية حلحلة معضلة المال السياسي وضمان حياد قطاع الإعلام.

وعبّر المغزاوي عن تخوفه من الوقوع في أتون خرق للدستور الجديد الذي لم يجفّ حبره بعدُ على حدّ تعبيره داعياً أعضاء المجلس الوطني التأسيسي إلى التسريع في سنّ القانون الانتخابي بعد رفع اللبس عن بعض الفصول كتلك المتعلقة بالتمويل والتزكية ومرافقة الأميين.

وأشار إلى انه على حكومة مهدي جمعة تحمّل مسؤولياتها إزاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من خلال توفير كلّ ممهدات النجاح لها لا سيما على المستوى اللوجستي.كما شدّد زهير المغزاوي على ضرورة الفصل بين الانتخابات التشريعية ونظيرتها الرئاسية مع إيلاء الأولوية للاستحقاق الرئاسي.

التمديد خطّ أحمر

من جهة أخرى، أكد القيادي في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وعضو المجلس الوطني التأسيسي بشير النفزي انه لا مجال لخرق الدستور وتفجير إشكالات قانونية من خلال تأجيل موعد الانتخابات إلى السنة المقبلة.

وتابع حديثه لحقائق أون لاين بالقول ان مسألة التمديد والتأجيل تعدّ خطا أحمر بالنسبة لحزب المؤتمر الذي كان يفضّل إجراء الانتخابات البلدية قبل التشريعية والرئاسية باعتبار انها تضمن بناء الديمقراطية المحلية والقاعدية فضلاً عن كونها ستنعكس إيجابياً على المواطن الذي يتشوّف إلى ملامسة التغيير على أرض الواقع.

وأفاد بأن لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية تحفظات ومؤاخذات حول مشروع القانون الانتخابي لا سيما في النقاط المتعلقة بمسألة المرافقة التي يمكن أن تكون مدخلاً لتزوير الإرادة الشعبية وضرباً للأعراف الانتخابية حسب قوله، موضحاً ان حزبه مع خيار الفصل بين التشريعية والرئاسية لكنه منفتح على الرأي الآخر في حال كان هناك توافق مبدئي بين الفرقاء السياسيين باعتبار ان ضغط الروزنامة يمكن أن يكون مبرراً لفرضية التزامن بين الموعدين الانتخابيين.

وبيّن ان هناك عديد التحديات والصعوبات التي يجب تجاوزها من أجل تهيئة الظروف الملائمة لعمل هيئة الانتخابات التي مازالت تنتظر الحصول على مقرّ نهائي.

وفي ما يتعلق بمسألة تحييد الإدارة التي تنصّ عليها خارطة الطريق المتوافق عليها بين جلّ الأحزاب السياسية، قال النفزي ان حزب المؤتمر من منطلق مبدئي هو مع الحيادية التّامة مقرّاً بوجود تعيينات تمّت على قاعدة الولاء الحزبي خلال عهد حكومة الترويكا،مشدّدا على أنّ حزب رئيس الجمهورية لم تكن له لا ناقة فيها ولا جمل.

واستدرك محدثنا بالتأكيد على ضرورة وضع معايير دقيقة وواضحة بخصوص هذا الإشكال حتّى لا يهضم حق الكفاءات الوطنية التي لها خلفية حزبية.

على صعيد آخر، قال القيادي في حزب المؤتمر انه لا سبيل للتراجع عن الفصل الخامس عشر الذي ينصّ على اقصاء كلّ من تورّط بشكل مباشر سياسيا كان أو أخلاقيا في الفساد والاستبداد الذي ارتكبه النظام السابق.

وضع دستوري مستحيل

بدوره، اعتبر أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد ان تواصل تعطّل المسار الانتخابي قد يفضي إلى "وضع دستوري مستحيل" بالنظر إلى أن الدستور الجديد ينصّ في أحكامه الانتقالية على ضرورة إجراء الانتخابات في أجل أقصاه موفى السنة الحالية مضيفاً انه في حال الوقوع في هذا الإشكال فإن المجلس التأسيسي سيجد نفسه مجبراً على العودة إلى الاختصاص التأسيسي.

وفسّر سعيد تأخر الحسم في المسائل المرتبطة بالمسار الانتخابي بوجود خلافات سياسية كانت عائقاً حال دون المصادقة على القانون الانتخابي الذي يمثّل حجر الأساس لانطلاق هيئة الانتخابات في مباشرة عملها بشكل فعلي وفق أسس قانونية واضحة المعالم.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.