في اليوم العالمي للطفل: زهور تونس ذابلة

هبة حميدي-

يُقال "اعطِ الطفل الحب والضحك والسلام، ويُقال.. إنّ تربية الطفل يجب أن تبدأ قبل ولادته بعشرين عاماً وذلك بتربية أمّه، ويُقال.. "الأطفال هم أهم مورد في الحياة فهم بذور الانسانية…

مواعظ ونصائح قيّمة ليس لها الصدى الكافي في بلادنا، ببساطة لأن نسبة كبيرة من العائلات التونسية لا ترى في الطفل كائنا مستقلا وجب احترامه ومعامتله مثل الراشدين.. الطفل التونسي في نظر العائلة المصغرة والموسعة هو ذات تابعة للأبوين، ليس من حقه ان يختار وليس من حقه ان يبدي رأيه، حتى التعبير عن مشاعره السلبية من غضب وبكاء ليست من حقه ! لا يجب ان يبكي هو مُطالب بأن يخرس لان بكاءه يصدّع رؤوس العائلة، وعوض البحث عن السبب وراء هذه الانفعالات، العائلة تكتفي بالمبادرة بإسكاته دون ان محاولة فهم  شعور الطفل الذي لا يستطتيع التعبير عنه أوالحديث عن أوجاعه.

 

وتشدد المعالجة والاستشارية المختصة في الامومة والتربية صبرين البسدوري، وهي تونسية مقيمة في فرنسا وتلقت تكوينها هناك، على ضرورة احترام الطفل ومرافقة مشاعره وتقديرها بعيدا عن كل مظاهر الضرب والعقاب والصراخ، لان تلك التصرفات الصادرة عن الكبار ستخفي العرض ولن تداوي السبب، وستساهم في بروز ناشئة معقدة لها موروث طفولي  سلبي سيؤثر على العلاقة النفسية والمجتمعية للافراد.

 

وقبل اسبوع من الاحتفال باليوم العالمي للطفل الذي يوافق اليوم الجمعة 20 نوفمبر من كل عام، اصدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” بتونس دراسة استعرضت عدة إشكاليات يعاني منها  الاطفال في تونس، على غرار ارتفاع ظاهرة العنف المسلط ضد الأطفال، وقدمت من خلالها جملة من التوصيات إلى الجهات الرسمية بهدف وضع استراتيجيات وبرامج كفيلة بالنهوض بواقع الطفل.

ولفتت الدراسة الى أنه تم تسجيل 17500 اشعار لتبليغ عن العنف الجسدي في سنة 2018 مقابل 6 آلف حالة في موفى ديسمبر 2011.

كما بينت أن هناك تحديات تتعلق بصحة الأطفال والمراهقين بما في ذلك صحتهم العقلية، مشيرة إلى وجود نقص على مستوى الكوادر في التعامل مع القضايا المتصلة بالصحة النفسية والعقلية للأطفال ووجود ضعف في السياسات العمومية التي تستهدف الاضطرابات والأمراض العقلية لديهم، مبينة وجود ضعف في تمويل السياسة الصحية النفسية في ميزانية وزارة الصحة بالإضافة إلى عدم إدراج برنامج التثقيف الصحي في مناهج التعليم.

وسجلت ان 21،2%من الأطفال يعانون الفقر، و72%من الأطفال لا يملكون مهارات في مادة الرياضيات، و34%من الأطفال لايملكون مهارة القراءة، ارقام تتعارض مع التزامات  تونس وانخراطها في اتفاقية حقوق الطفل، حيث نصت المادة "27" من الاتفاقية على أنه  "لكل طفل الحق في مستوى معيشي ملائم" وبينت المادة 28 و29 و30 الطفل ان "لكل لاطفل الحق في تعليم مجاني وذو جودة".

أرقام مفزعة نشرتها اليونسيف،  وسبق وان تعرض اليها المندوب العام لحماية الطفولة، مهيار حمادي، الذي بين ان مندوبي حماية الطفولة يتلقون ما يزيد عن 67 اشعارا يوميا بشأن الطفولة المهددة، مشيرا إلى "ان المنزل يشكل مكان التهديد الاول بالنسبة للاطفال، بنسبة 53,88 من اجمالي الاشعارات".

نذكر انّ عدد الاشعارات المتعلقة بالطفولة المهددة قد تضاعف خلال الـ10 سنوات الاخيرة ليتطور من 8272 اشعارا سنة 2009 الى 17506 اشعارا سنة 2020، وهو ما يدعو وزارة المرأة والجهات الرسمية المتداخلة والمجتمع المدني الى العمل على اجتثاث مختلف المخاطر والتهديات التي تراود الاطفال من المجتمع لبناء جيل متعافي وجيل سليم ومتعلم.

 

 

 

 

 

 

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.