في الذكرى السابعة لاغتيال بلعيد.. وتتواصل القضية اللّغز

 مروى الدريدي-

تمرّ اليوم الخميس 6 فيفري 2020، سبع سنوات عن رحيل المحامي والأمين العام السابق لحركة الوطنيين الديمقراطيين والناطق باسمها شكري بلعيد، بعد تعرضه للاغتيال أمام منزله في المنزه السادس بأريانة، رميا بالرصاص.
 
ولم يكن صباح يوم 6 فيفري 2013 صباحا عاديّا في تونس، إذ أن هذا التاريخ سيبقى محفورا في الذاكرة التونسية وسيخلده التاريخ، فهو تاريخ لأوّل اغتيال سياسي في تونس ما بعد الثورة.
 
وكان لاغتيال شكري بلعيد وقع كبير في نفوس التونسيين، فهو مصاب جلل دخلت اثره البلاد في حالة كبيرة من الغليان، وأعلن الاتحاد العام التونسي للشغل الاضراب العام يوم 8 فيفري، وتواترت الأزمات السياسية وكانت أولها استقالة رئيس الحكومة حمّادي الجبالي والذي خلفه علي العريض وكلاهما من حركة النهضة.
 
وأثار هذا الاغتيال موجة تنديد دولية (دول ومنظمات عالمية)، مستنكرين هذا الفعل واصفين، اياه بـ"الفعل الشنيع" و"الجبان" و"الجريمة النكراء" وبـ"العمل الارهابي"، داعين إلى محاسبة الفاعلين وتقديمهم إلى العدالة.
 
ولكن إلى اليوم وبعد مرور 7 سنوات ما تزال عائلة شكري بلعيد ورفاقه وهيئة الدفاع عنه يشكّكون في مسار قضية اغتياله، وما فتؤوا يصرحون بأن لا ثقة لهم في النيابة العمومية، داعين إلى اعادة فتح بحث جديد، موجهين اتهامات إلى حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي بضلوعهم في عملية الاغتيال.
 
وقد تطرق عضو هيئة الدفاع عن الشهيدين بلعيد والبراهمي إلى العلاقة "الجوفية" بين حركة النهضة كحزب سياسي و"تنظيم أنصار الشريعة الإرهابي"، مذكّرا بأن حركة النهضة عندما كانت في السلطة لم تصنف هذا التنظيم كتنظيم إرهابي إلا بعد قيامه بالمهمة الأولى المتمثلة في اغتيال الشهيد شكري بلعيد، ثم إنجاز المهمة الثانية وهي اغتيال الشهيد محمد البراهمي.
 
وبين أن هذه العلاقة "الجوفية" بين حركة النهضة وتنظيم أنصار الشريعة لا يمكن أن تكون معلنة، لأنه ليس من المنطقي الاعلان عن المخططات المتعلقة بالإغتيالات السياسية التي اتفقا عليها، حسب تعبيره.
 
اتهامات ما فتئت حركة النهضة تنفيها وتستنكرها، مكررة قولها بأنها أوّل المتضررين من الاغتيالات خاصة وأنها كانت في الحكم حينها والحزب الأول في البلاد، وأن هذا الاغتيال سيؤلب عليها الرأي العام الوطني والدولي.
 
ويبقى ملف الاغتيالات السياسية في تونس لغزا محيرا حتى بالرغم من إعلان وزارة الداخلية يوم 26 فيفري 2013 عن توصلها إلى الكشف عن الجناة وعن الجهة التي تقف وراءهم وهي جماعة "أنصار الشريعة" التي يتزعّمها أبو عياض، لكن عديد الشكوك بقيت تحوم حول هذا الملف المُلغز خاصة بشان الجهة التي خططت وأعطت أمر الاغتيالات ومن ثم طمست الاثار التي قد تشير إليها..
 
تذكير بمستجدات قضية اغتيال بلعيد
 
فتحت النيابة العمومية يوم 3 فيفري الجاري تحقيقا جديدا حول اختفاء وثائق ومعطيات تهم ملف القضية، وكذلك حول عملية اخفاء مسدسات تم استعمالها في اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، وفقا لعضو هيئة الدفاع عن الشهيد شكري بلعيد إيمان قزارة.
 
وأفادت قزارة، خلال ندوة صحفية عقدتها هيئة الدفاع عن الشهيدين الاربعاء 5 فيفري 2020، بالعاصمة، تحت عنوان "مستجدات ملف الشهيد شكري بلعيد والجهاز السري لحركة النهضة"، بأن التقدم الحاصل في القضية كان انطلق منذ يوم 6 مارس 2019، عندما أكدت محكمة التعقيب على أن "جملة المطالب التي اثارتها هيئة الدفاع والمآخذ التي تم توجيهها الى حاكم التحقيق صحيحة ولابد من إعادة النظر في الملف وإعادة البحث من جديد"، نقلا عن وكالة تونس افريقيا للانباء.
 
وأضافت أن التقدم المسجل في قضية شكري بلعيد يتجلى كذلك من خلال فتح تحقيق جديد يوم 31 ديسمبر 2019، في ملف الجهاز السري لحركة النهضة الذي خطط لاغتيال الشهيدين وتوجيه التهم الى 16 شخصا، من بينهم أعضاء بالحركة على غرار رياض الباروني وكمال العيفي والطاهر بوبحري، الى جانب عديد الأشخاص الاخرين الذين يواجهون عقوبات تصل الى المؤبد.
 
وأكدت أن النيابة العمومية "كانت مجبرة على قرارها بإعادة فتح التحقيق في ملف الجهاز السري، لكنها قامت في المقابل بكل ما في وسعها لتحصين وحماية رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بمجموعة من الآليات القانونية حتى لا يقع تتبعه، الى جانب محاولتها اقصاء هيئة الدفاع عن الشهيدين عن هذا الملف"، وفق تعبيرها.
 
وأوضحت أن هذا التحصين، قد أقرته النيابة العمومية بالاعتماد على بعض الوسائل الإجرائية الواردة بمجلة الاجراءات الجزائية، وذلك قصد رفع الصبغة الإرهابية عن ملف الجهاز السري لحركة النهضة، واعتبار أن التهم التي تم توجيهها للمتورطين هي جرائم حق عام، فضلا عن عدم توجيه تهمة الانضمام الى هذا الجهاز الى رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وبعض قيادات الحركة.
 
وصرحّت بأن هيئة الدفاع عن الشهيدين ستواصل عملها الى حين كشف جميع الحقائق، خصوصا وأن بحوزتها جميع المؤيدات التي تثبت تورط رئيس حركة النهضة في هذا التنظيم السري، مضيفة ان الهيئة "لم تتقدم بجميع هذه المؤيدات لعدم ثقتها في النيابة العمومية وفي شخص وكيل الجمهورية بشير العكرمي لانحيازه لطرف دون آخر، في الوقت الذي كان يفترض أن تكون النيابة العمومية الى جانب المتضرر"، على حد قولها.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.