بسام حمدي-
تعيش تونس اليوم في مرحلة " لا حول ولا قوة الا بالله" التي تكهن بها الباجي قائد السبسي قبل اعتلائه كرسي الحكم، فتونس اليوم تسير بها التقلبات السياسية في مرحلة أصبح فيها رئيس الجمهورية يتزعم الأطراف المعارضة لحكومة بلاده، واصطف فيها الحزب الحاكم في شق المعارضين لخيارات الحكومة وتوجهاتها وتحولت بعض الشخصيات المعارضة الى داعمة.
وخير مقولة تترجم الوضع السياسي الحالي هي قول السبسي " أن النهضة ونداء تونس خطين متوازيين واذا التقيا فلا حول ولا قوة الا بالله"، فالالتقاء بين الخطين المتوازيين حصل وسمي "توافق" مجهول الطبيعة والمدة واستمر لمدة طويلة على قاعدة "عشق السلطة" الى أن بلغ السيل الزبى وأفرز التزاوج نتائج حتمية غريبة دوّن بها زعيم الدساترة الباجي قائد السبسي اسمه في تاريخ تونس المعاصر كونه أول رئيس جمهورية يكون معارضا للحكومة في فترة ولايته.
وفي تقارب شخصيتين تتناقض توجهاتهما الفكرية والسياسية والايديولوجية وحتى الثقافية، وُلد جنين التوافق وترعرع في أحضان المعارضة، فهنا الآن تترأس الحكومة التونسية شخصية يعترض على بقائها رئيس الجمهورية الذي اختارها لرئاسة الحكومة ومنبوذة من الحزب الذي تمثله وفي المقابل تلتف حولها بعض الأحزاب المعارضة وأصبحت حزاما سياسيا يستمد منه شرعيته البرلمانية والسياسية.
رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، وبعد عجزه دستوريا عن ازاحة يوسف الشاهد من رئاسة الحكومة، ارتأى أن يعلن معارضته له في العلن واستغل كل ظهور اعلامي له لدعوته بالتوجه الى البرلمان لتجديد الثقة متجنبا ممارسة صلاحياته الدستورية (دعوة البرلمان عقد جلسة عامة للتصويت على تجديد الثقة في الحكومة) ومجنّبا نفسه احراجا سياسيا بعد أن خَبر أن الشاهد ضمن الأغلبية البرلمانية التي ترشحه للبقاء على رأس الحكومة وتمنحها له النهضة والكتلة البرلمانية الداعمة له.
الشاهد ورغم فشله في ادارة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وعجزه عن حلحلة ملفات التشغيل وغلاء الأسعار والتقليص من المديونية، ظل متمسكا بمنصبه ورفض الذهاب الى البرلمان، فعكّر تمسكه بكرسيه مجرى التوافق وعرّى حقيقة "الوحدة الوطنية" التي تشكلت وفقها حكومته، ثم عانق زعيم النهضة راشد الغنوشي الذي تبناه وخيره عن حليفه الاستراتيجي الباجي قائد السبسي بهدف تعميق أزمة نداء تونس وربما لانهاء مشوار التوافق مع نداء تونس قبيل الاستحقاقات الانتخابية القادمة كخيار سياسي جديد.
التطورات والتقلبات في المواقف المتعلقة بمشوار "حكومة اللمّة الوطنية" لم تستثن بعد المنظمات الوطنية الكبرى، فموقف الاتحاد العام التونسي للشغل اليوم لم يرسُ على بر ولم يعد واضحا البتة، فلا النقابيون ولا التونسيون يدركون أن اتحاد الشغل داعم للشاهد أم رافض له، ولا منظمة الأعراف المشاركة في وثيقة قرطاج أعلنت موقفا النهائي يخص مشوار حكومة الشاهد.