فيلم “مثلي مثلك”: طرح سنيمائي للمثليّة الجنسيّة بمقاربة مزجت العلمي بالديني

دنيا الزغيدي –

بقيت المحاولات السينمائية العربية لتناول “المثلية الجنسية” في مجتمعاتنا العربية قليلة ومحتشمة في بحثها عن أجوبة لتساؤلات أقضّت مضجع مجتمع رفض استيعاب الظاهرة وتعامل في غالبه مع المنتسبين لها بقدر كبير من التقزيم وصل حدّ التعنيف والقتل.

ولعل الفيلم القصير “مثلي مثلك”، يكسر هذا النوع من التناول لهذه الظاهرة باعتماده أسلوبا غير جارح سواء للمتلقي أو للأشخاص المعنيين بعيدا عن التناول التجاري الباحث عن الإثارة المفتعلة باحثا في عمق الدوافع والأسباب، حسب تعريف مخرجه الشاب هاني المرزوقي.

ثنائية اللفظ والرفض

وصف المخرج هاني المرزوقي الحدث القادح لفكرة الفيلم في تصريح لحقائق أون لاين اليوم الجمعة 23 فيفري 2018، قائلا: “كانت لحظة فارقة حين شاهدت شابا يتعرض للتعنيف بطريقة وحشية لمجرد كونه مثليا جنسيا، صدمتني ردة فعل المواطنين وأيقضت بداخلي فكرة طرح سينيمائي يسكت صوت الاسئلة الصاخبة التي تملّكتني.”

دعوة للتعايش

انسابت من المخرج الكلمات وهو يصف مقاربته المبنية على رؤية شاملة للظاهرة مبنية على عمق في كينونتها، ودوافعها بعيدا عن الحكم الأخلاقوي غير المجدي، معتبرا أنها رؤية سينيمائية تقطع مع الافكار المغلوطة عن المثليين وتقدم اجابات طالما افتقدها الجمهور حول سببية وجود ميول جنسية مختلفة لأشخاص يتقاسمون معنا التاريخ، الموروث والوطن، على لسان مختصين في الطب النفسي والطب الجنسي، اضاف اليها زاوية قلّما تجرّأ سابقوه ممّن طرحوا ظاهرة المثلية الجنسية على ولوجها، بتقديم رؤية رجل دين، عبر شخصية أحد أئمة الجوامع بقابس.

وقدم المرزوقي، شخصيات الفيلم، وهي طبيبة نفسية، طبيب مختص في الاضطرابات الجنسية، امام جامع وأحد المثليين الجنسيين الذي اختار مخرج العمل أن يقدمه بوجه مخفي، معللا اختيارهم بالحرص على النأي عن كل ما هو تجاري لاهث خلف الاثارة، عبر هذه المقاربة الجامعة لما هو علمي ونفسي وديني واجتماعي لفتح زوايا مختلفة تنير عتمة ارتبطت بهذه الظاهرة غير المفهومة عند الغالبية الأعم.

مزج العلمي بالديني

وفي توصيفه للرسالة المقدمة من الفيلم، قال المرزوقي، إنها دعوة للتعايش بين ذوات منتمية لمجتمع واحد بتقبل اختلافاتنا طالما انها لا تسعى لتغيير المجتمع أو لاستقطاب المزيد من الناس اليه.

وفي مشهدية لخص بها هاني المرزوقي، حال المثليين في تونس،عرض مقطعا لشاب مثلي ينزوي في احد الأروقة بحثا عن مخبأ يقيه كلمات أشبه بسهام نارية حادة يصوبها نحوه شباب من الحي.

ووجه المرزوقي، عميق شكره للمعهد العالي للفنون والحرف بقابس على دعمه للفيلم وشكر كل من سانده في هذه التجربة الاستثنائية من أصدقائه وخاصة الآنسة إشراق نوري لدعمهم له رغم الحملة التي شنت ضده في إطار ضغوط مورست من جهات، رفض ذكرها، لمنع عرض الفيلم.

هذا وستعرض جمعية سينما للجميع بالشراكة مع جمعية صوتكم فيلم “مثلي، مثلك” يوم 24 فيفيري الحالي في إطار تظاهرة “فرحة السينيما القابسية” بالمركز الثقافي الجامعي بقابس.

كما سيشارك فيلم “مثلي، مثلك” بدولة المغرب في الملتقى الدولي للثقافة والتراث الحسني للسامرة والعيون ضمن الدورة الرسمية للأفلام الوثائقية الذي سينتظم بين 31 مارس و 8 أفريل الجاري.

هكذا جاء فيلم “مثلي، مثلك” محاولة شبابية لولوج عالم المثلية الجنسية بمنظور جمع العلمي بالديني في سعي لإحداث تقبل -و لو كان جزئيا- لأحد مكونات المجتمع التي تعيش ثنائية اللفظ والرفض من الغالبية الأعم بحثا عن تونس أكثر انفتاحا وتسامحا.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.