فيديو/ “فيلم المجازفات”.. وقفة مع سمير نصر مخرج “شرف”

 يسرى الشيخاوي-


"شرف" فيلم للمخرج المصري سمير نصر يلامس فيه أماكن القتامة في العالم العربي ويروي فيه جراح العرب على طريقته، فيلم خُلق من رحم رواية " شرف" للكاتب صنع الله ابراهيم وهي من جنس أدب السجون.
 
ومنذ توجهه إلى أدب السجون، سمير نصر ملامح المجازفات في فيلم استغرق سنوات ليرى النور بسبب مشاكل كثيرة منها رفض المنتجين لهذه التجربة ومنع تصوير الفيلم في مصر ليتحول مكان التصوير إلى تونس إلى جانب اعتذار عدد من الممثلين عن المشاركة فيه.
 
ومن المجازفات في الفيلم، تشريك ممثلين من سبعة جنسيات عربية مختلفة وهي تونس، والجزائر، ومصر، وفلسطين، ولبنان، وسوريا، وليبيا مع حفاظ كل منهم على لهجته الأم، لا باستثناء الممثل التونسي خالد هويسة الذي أدى جوره باللهجة المصرية وهنا مجازفة أخرى. 
 
وكرة المجازفات تواصل التدحرج في فيلم "شرف" عبر إسناد دور البطولة للمثل الفلسطيني أحمد المنيراوي في اول تجربة سينمائية له ليكون في مستوى هذا الرهان، ويخلق حالة من التناغم مع بقية الممثلين.
 
والفيلم الذي أنتجته سيلفانا سانتا ماريا، يروي تفاصيل عن الحياة خلف القضبان من خلال حكاية "شرف" الذي دافع عن نفسه فدفع الثمن حرّيته، ومن هذه القصة تتفرع حكايات أخرى تمتد إلى أفراد آخرين حتى تبلغ مجتمع زاخر بالعلل.
 
وللحديث عن اختيار رواية "شرف" منطلقا لأحداث فيلمه، وعن تطويع الرواية سينمائيا رفقة الكاتب ابراهيم صنع الله، وعن مخاض الفيلم  وعن اختيار الممثلين ( أحمد المنيراوي وفادي أبى سمرة، وخالد هويسة، ورضا بوقديدة، وجهاد الشارني والراحل توفيق البحري وصالحة النصراوي)، وعن الرقابة  وعن تصوير الفيلم في تونس، التقت حقائق أون لاين المخرج سمير نصر إثر عرض الفيلم في مهرجان البحر الاحمر السينمائي الدولي.
 
وكان الحوار التالي: 
 
الفيلم يروي جراح العرب من خلال تجربة السجن، كأن سمير نصر يقول إن كل الدول العربية تقريبا تعيش تحت سجن مفتوح؟
 
إلى حد ما صحيح وإن اختلفت الدرجات، نحنا للأسف في كثير من الدول العربية مازالت أمامنا مسافة طويلة نقطعها ليكون هناك عدالة حياة كريمة وآمنة، الطريق طويلة ليحظى كل المواطنين بفرصة لحياة مستقرة والفيلم يتحدث عن هذا.
 
لا زمان ولا مكان في الفيلم، هل عدم تحديد المكان هرب من الرقابة أو هو خيار سينمائي؟
 
اعتقد أن الخيارين صحيحين، الفيلم يواجه مشكلة رقابية في مصر، نعم قصدنا عدم تحديد المكان، وفي الاختيارات الفنية هذا ما ارتأيناه مع الأستاذ ابراهيم صنع الله في التحضير النهائي قبل التصوير، وكنا نريد أن نحكي قصة عن الوطن العربي وليس عن بلد واحد.
 
ونحن حينما لا نتكلم عن زمان ومكان محددين فلأن المسائل التي نخوض فيها مستمرة منذ عقود ومازالت متواصلة، ونحن لا نتكلم عن نظام معين أو فترة معيّنة نحن نتكلم عن منظومة موجودة منذ زمن واكتشفنا في السنوات الماضية أنه من الصعب جدا تغييرها.


في الاتجاه إلى زاوية أدب السجون جرأة، كيف كانت بداية الفكرة؟
 
البداية كانت شغفي بهذه الرواية عند قراءتها لأول مرة وإحساسي بأنها أعظم اختزال للواقع المصري والعربي وهي المكتوبة في سجن مصري، وفيها انعكاس للواقع وللشخصية المصرية بجمالها وقسوتها وضعفها،كل هذه التفاصيل جعلتني أسعى إلى مقابلة الأستاذ إبراهيم صنع الله ليسمح لي بتحويل الرواية إلى فيلم.
 
وفي أول جلسة كان مرحّبا جدّا بالفكرة وكان بيننا ودّ وأفكار متشاركة جعلته يقترح ان نكتب السيناريو سوية وكانت رحلة طويلة شرعنا فيها سنة تسع وألفين، رحلة تحويل الرواية ذات الخمسمائة وخمسين صفحة إلى نص سينمائي مختزل ومكثف.
 
هناك رحلة أخرى على مستوى "الكاستينغ"، هل كتبت الشخصيات لممثلين بعينهم أم كتبت في المطلق؟
 
هذا السؤال مؤلم، لما انطلقنا في كتابة النص كان في ذهننا ممثلون مصريون أردنا نجمعهم في هذا الفيلم ليكون على شاكلة " المذنبون" الفيلم الذي ينطلق من السجن ويجمع شخصيات كثيرة أدّاها، صلاح ذو الفقار وكمال الشناوي وتوفيق الذقن وعبد الوارث عسر وعماد حمدي وحسين فهمي.
 
ومن هذا المنطلق فكرنا في عدد من الممثلين المصريين، وفي التصور الأول كان دور الدكتور "رمزي" للممثل الراحل جميل راتب  لأنه عاش تجربة الهجرة ويحمل حياته شيئا من الدور ولكنه رحل كما رحل فنانون آخرون كنا نتمنى ان يكونوا موجودين في الفيلم.
 
ومع مرور السنوات، تغير السياق وكسينمائي أؤمن بضرورة توفر المرونة في اختيار  الممثلين، الأمر الذي نجح فيه الفيلم إذ أضفى الممثلون أرواحهم وطاقاتهم في الفيلم بطريقة جعلتني لا أفتقد أي ممثل ترك المشروع لأنه خاف، لا أفتقد أي أحد لأن البدائل كانت أفضل وهي مسألة حظ في الاخير.
 
وراء أغلب الممثلين قصص لافتة على غرار الممثل الفلسطيني أحمد المنيراوي، كيف كان اختياره؟
 
احمد المنيراوي اكتشفته في تونس، لما التقيته لم يكن مطروحا ان يقوم بدور البطولة، كان له دور صغير في إحدى الزنزانات، أحمد عاش في غزة تحت سجن كبير في مكان محاصر ولا أحد في مقدوره التفاعل مثله داخل السجن وتبليغ هذا الإحساس.
 
وكل الممثلين في فيلم "شرف" لم يحضروا كما ممثلين فحسب وغنما كانوا محملين بتفاصيل من حياتهم في تجسيد الأدوار وأهدوا أرواحهم للفيلم وأنا ممنون لهم جميعا. 
 
ولكل من رفض المشاركة؟
 
فعلا، لأنه افسح المجال لهم 
 
التصوير كان في تونس مهد الثورات وصرخة الحرية الأولى؟
 
نعم، تونس محمد البوعزيز الذي فجر وعبرعن كل هذا الظلم الذي نعاني منه.
 
ألا يعد مكان التصوير شخصية من ضمن شخصيات الفيلم؟
 
طبعا
 
يمكن وصف "شرف" بفيلم المجازفات، من ذلك أداء الممثل خالد هويسة دوره باللهجة  المصرية، كيف كانت الفكرة؟
 
بما أنني خضت  تجاربفي السينما الوثائقية تعودت أن أكون مرنا، وفي البداية خالد هويسة كان ضيف شرف في الفيلم، ومع حصول اعتذارات من الممثلين، كنت أراه ممثلا عظيما في دور الضابط ادكو، و"الشرير" يضفي دائما بريقا للفيلم على غرار  محمود المليجي وغيره من أشرار الشاشة.
 
وحينما أخبرني انه يريد ان يمثل باللهجة المصرية، وافقت وأدّاها بشكل لا يختلف عن المصريين ولو وجدت اختلافات فهي بسيطة ولا ضير فيها على اعتبار أننا لسنا في عالم واقعي ويمكن أن يكون هذا الضابط تونسيا يعيش في مصر  من زمن طويل.
 
أحببت جدّا العمل مع خالج هويسة وهو ممثل من نوع  فريد وملتزم إلى أقصى درجة وحساس جدا، وحينما طلبتُ منه أن يؤدّي دور الضابط من داخله وألا يكتفي بالظاهر من الشخصية تمكن من ذلك. 


ما ذا عن رضا بوقديدة وجهاد الشارني؟
 
كانوا عظماء، وأستاذ رضا منّ علينا بالقطة "ساعدة" التي توفيت للأسف، وجهاد طاقة رهيبة في هذا الفيلم وتشرفنا بوجوده وإن كان في دور "صغير" إلا انه أعطى بريقا رهيبا لمشهد الاكل في باحة السجن، المشهد الذي اعطى فيه جهاد وسعد محفوظ من روحيهما، جهاد شخص ممتع ومضحك إلى أقصى درجة.
 
وفيما يلي فيديو الحوار:
 
 
 
 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.