فرج سليمان في أيام قرطاج الموسيقية: عازف على مفاتيح القلوب

  يسرى الشيخاوي- 

 
جنون الموسيقى، جموح النوتة، وتمرّد الإيقاع، تفاصيل من عرض فرج سليمان ضمن المسابقة الرسمية لأيام قرطاج الموسيقية، عرض تماهت فيه أنماط موسقية مختلفة طوّعها العاوف الشغوف بالتجديد ليشكّل ملامح عالم موسيقي يشبه بحثه عن الاختلاف.
 
خمس عازفين، اعتلوا ركح مسرح الجهات، يخاطب كل منهم آلته الموسيقية وتجربة فنّية يسكبها في عرض تسللت موسيقاه إلى القلوب قبل الآذان وأوجدت لنفسها مكانا في الذاكرة العاطفية، هي موسيقى لاشرقية ولا غربية أراد لها فرج سليمان أن تكون بلا تصنيف.
 
مزيج بين الإيقاعات الشرقية الموسيقى الغربية لا ترجّح فيه كفّة على أخرى، استدرّت تفاعل الجمهور الذي سافر مع فرج سليمان في رحلة إلى عالم موسيقي متنوّع، عالم قوامه التجربة التي لا يخشاها باعث الروح في مفاتيح البيانو.
 
العود والترمبات والدرامز والغيتار والبيانو، آلات موسيقية لكل منها خصوصيتها اجتمعت معا لتخلّد قصصا وحكايات وتجارب قد تكون ذاتية أو موضوعية ولكنّ الأكيد أنّها صارت تجربة جماعية يتشارك فيها العازفون مع الجمهور الحاضر.
 
سحر الشرق الكامن في أوتار العود وأنفاس الثائرين الساكنة في الترومبيت وتمرّد الثائرين  الذين يزين أوتار الغيتار وغضب الحالمين الذي يسم وجه الدرامز وتفاصيل الحب العالقة على مفاتيح البيانو، توليفة من الألحان والإيقاعات نحت بها فرج سليمان تجربة موسيقية متفرّدة تماما كتجربته الغنائية.
 
كل ألبوماته كانت حاضرة في بمقطوعات موسيقية لا تخلو من فلسفة قوامها التجريب وكسر القوالب الجاهزة، وبين "وحل" و"ثلاث خطوات" و"كان يا مدينة" و"حب بلا قصة"  تتداخل الأحاسيس والانفعالات ويسكت الكلام لتنطق الموسيقي ماني عميقة تتجدّد مع كل نوتة وإيقاع.
 
هو عاشق للتنوّع، يطرق سبلا مختلفة ليحرّر روح الفنان فيه فمرة تتخذ هذه الروح صورة مسرحية أو سينمائية أو غنائية ولكنّها في الغالب موسيقية، فالملحن وعازف البيانو الفلسطيني يأبى التكلّس والركود ويتعفّف عن السائد والنمطي، وهو الذي خبر ألف مفاتيح البيانو منذ ان كان طفلا في سن الثالثة وقدّ اول عروضه في سن الخامسة.
 
في مؤلفاته الموسيقية، لا يخفي عشقه للموسيقى العربيّة والإيقاعات الشرقية والتانقو والجاز والروك والكلاسيك أيضا ليجمع بين هذه الإيقاعات المتزاحمة في أعمال جعلت منه إسما رائدا في الكتابة الموسيقية، 
أعمال تفاعل معها جمهور أيام قرطاج الموسيقية وغمر صدى تصفيقهم الأرجاء.
 
وفرج سليمان فنان مشاكس، يتقن مغازلة الجمهور، وإلى جانب العزف هو يغني أيضا وغن كان الامر عن طريق الصدفة لما راقه بيت كتبه صديقه الشاعر عامر حليحل وكانت أغنية " إسّا جاي" التي غنّاها لجمهوره وأغنية " طريق الجبل" في وصلتين منفردتين.
 
مقطوعات موسيقية التي ألفها طوال مسيرته المهنية التي انطلقت سنة 2013 بالبوم “تسجيل دخول” لتتواصل بعدها الرحلة في عالم التلحين مع رفيق دربه "البيانو" فقدم العديد من الأعمال ك"ثلاث خطوات"، "وحل"، "كان يا مدينة" و"حب بلا قصة" ليجمع في العرض كل هذه الألبومات وسط مشاكساته مع الجمهور الذي حضر بكثافة.
 
لكلّ فنان رسالة قد يظهرها وقد يبطنها، وتظل موسيقى فرج سليمان في حد ذاتها رسالة تخاطب الجمهور فيعرب عن حبّها كل بطريقته، فهو يخاطب مفاتيح القلوب كل مالامس مفاتيح البيانو وهو ما يجعله ينحت نهجا موسيقيا خاصا به يعلي فيه راية الموسيقى الآلتية.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.