فتور العلاقة بين رئاسة الجمهورية واتحاد الشغل يجمّد أزمات البلاد

لم يكن الاتحاد العام التونسي للشغل منذ تاريخ تأسيسه  في فترة الاستعمار الفرنسي في معزل عن الحياة السياسية  ومنعرجات التاريخ التونسي، وكانت مجالات تحركاته حاسمة ومسموعة لدى السلطة الحاكمة، بل  ويقرأُ لها ألف حساب..

ولئن ساند اتحاد الشغل مسار 25 جويلية إلا أنه وبعد حولين من تلك القرارات التي اتخذها رئيس الجمهورية قيس سعيد، اصطف الاتحاد في خانة المعارضين وحصلت القطيعة بين رأسي السلطة التنفيذية والمركزية النقابية.

وتدعّمت هذه القطيعة بحرب التصريحات بين الطرفين، فيتحدث الطبوبي عن "حالة احتقان واضحة بين التونسيين"، وقال إنّ الرئيس قيس سعيد انتهج الطريق الخطأ.. وكان ينبغي عليه مخاطبة التونسيين لإيجاد الحلول حول القضايا الشائكة، بعد فشل المسار الذي دعا إليه".

موقف أغاظ سعيد وردّ عليه في مناسبة أخرى وبحضور قادة أمنيين بثكنة الحرس الوطني، بالعوينة، وبيّن انّ"الحق النقابي مضمون ولكن لا يمكن أن يتحول إلى غطاء لمآرب سياسية" .

بعد حرب التصريحات هذه، اعتبر اتحاد الشغل ان الرئيس اصبح يمثل  تهديدا للعمل النقابي وضربا صريحا له"، ودعا الى التعبئة والحشد لتنظيم مسيرات في مختلف ولايات الجمهورية، واليوم في فترة حكم الرئيس سعيد الذي لم ينعم بمساندة الاتحاد الا فترة قصيرة، تتجه الأزمة السياسية في تونس إلى مربع المجهول..

توسعت الازمة بين الفاعلين القويَيْن وألقت بظلالها على المجتمع التونسي وعاشت مختلف الأسر التونسية خلال السنة الدراسة 2022/2023 على وقع أزمة حادة في التعليم الاساسي والثانوي لكنها تفاقمت مع التعليم الاساسي ولم تنته حتى بانتهاء العام الدراسي، ولم تجد هذه الازمة عقلاء للتدخل من أجل إيجاد الحلول اللازمة..

فبعد قرار جامعة التعليم الاساسي حجب الاعداد عن الإدارة  كامل الثلاثيات الثلاث، قررت وزارة التربية اتخاذ اجراءات ردعية من بينها إعفاء عدد   من مديري المدارس، قرارا توعدته جامعة التعليم الاساسي مرة أخرى بالرد خلال السنة الدراسية المقبلة.. ليبقى الحال على حاله ويرتهن التلميذ عاما دراسيا آخر، يحدث كل هذا دون تدخل اي طرف من أجل مصلحة الجميع..

وخلال السنوات الفارطة التي تلت تاريخ 2011، كان لاتحاد الشغل تدخلاته التي تجد صداها في تقريب وجهات النظر بين المتخالفين في الشأن العام على غرار رعايته للحوار الوطني سنتي 2012 و2013 والتدخل في  ازمة التعليم الثانوي  في سنوات ماضية،  وغيرها من المحطات الاخرى التي لعبت فيها المنظمة الشغلية دورا مفصليا أخرج تونس من دوامة الأزمة الى طريق الانفراج.

غير بعيد عن القطاع التربوي، أدى قرار اتحاد الشغل بعدم المشاركة في الحوار الوطني بالشاكلة التي أعلن عنها الرئيس قيس سعيد بسبب الصيغة المعلنة في المرسوم الرئاسي المتعلق بإحداث هيئة استشارية لكتابة دستور جديد وتنظيم حوار وطني يستثني جميع الأحزاب وما مثّله هذا القرار من إضعاف الحزام المساند للرئيس، خطوة لم ينساها قيس سعيدة ورد عليها بالتجاهل المطبق لمبادرة اتحاد الشغل.

تجاهلٌ شعر به الاتحاد وفهمت المنظمة الشغلية رسالة الرئيس لتجد نفسها في إحراج أمام الرأي العام عندما قوبلت مبادرتها بالتجاهل التام من أعلى هرم السلطة.

موقف رئاسة الجمهورية أربك المنظمة وجعلها تعيد خلط أوراقها لتقرر عدم المضي في إعلان المبادرة الوطنيّة للرأي العام رغم جاهزيتها.

 وقد أكّد رئيس منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية عبد الرحمان الهذيلي، المشارك في صياغة  المبادرة بأنها جاهزة والأطراف الموقّعة حاضرة أيضا، مبينا، أنّه تمّ الانتهاء من صياغتها بجميع مراحلها، وهي جاهزة والاتحاد سيسقدّر تاريخ إصدارها، وفق تصريح سابق لحقائق أون لاين.

ويشارك المنتدى في إعداد هذه المبادرة إلى جانب الاتحاد العام التونسي للشغل وهيئة المحامين التونسيين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.

والمتابع للشأن التونسي يقدر أهمية التواصل بين اتحاد الشغل والسلطة الحاكمة اذا لا يمكن تحقيق السلم الاجتماعي والاستقرار السياسي والاقتصادي في ظل قطيعة بينهما..

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.