فتحي الشامخي: النظام التقديري للضرائب صندوق أسود.. والجباية قد تفتح أبواب الجحيم

يصل حجم التهرّب الضريبي في تونس، وفق دراسة أعدّها مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية والشبكة العربية للمنظمات غير الحكومية في لبنان مؤخراً، إلى 50%. وعلّلت الدراسة هذا الرقم بغياب النظام.

وفي إطار متّصل، تظهر بيانات إحصائية تونسية ان الأجير في تونس يدفع ضرائب بقيمة تفوق 100 دينار شهرياً. في حين يدفع التاجر معدّل 3 دنانير علاوة عن ان 8 آلاف طبيب لا يدفعون سوى ما يعادل 500 دينار سنوياً للطبيب الواحد.

كما تفيد البيانات ان أكثر من 40% من الشركات في تونس لا تدفع الضرائب وان أكثر من 60% من الشركات المصدرة معفية تماماً من الضرائب.

في هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي والناطق الرسمي باسم جمعية "راد" فتحي الشامخي ان كلّ هذه الأرقام تمثل تقديرات نظراً إلى غياب معطيات صحيحة حول الضريبة ، مشيراً إلى قضية السر البنكي الذي يحتوي على جزء من الثروة والمعاملات وعمليات البيع والشراء التي تبقى محمية في إطار هذه السرية، فضلاً عن ان إدارة الضرائب لا تنشر إحصائيات متعلقة بدافعي الضرائب، على حدّ قوله.

وأضاف الشامخي ان هذه المقاربات والتقديرات، وإن كانت غير مؤكدة، فانها جميعها تكشف عن تهرّب جبائي يمارسه الأثرياء الذين قد يكونون من ذوي الدخل السنوي المرتفع، أو أصحاب ثروات كبيرة أو الاثنين معاً، حسب تعبيره.

وأكد ان التهرب الضريبي يتسبّب في خسارة فادحة لافتاً النظر إلى انه يمكن تشبيه العدالة الجبائية بحمل غير مقسّم حسب قدرة كلّ شخص طبيعي أو معنوي على دفع الضرائب.

وأوضح محدثنا ان الأجراء هو من يتحمّل العبء الأكبر من الضرائب مبيناً ان النظام التقديري للضرائب يضمّ 400 ألف شخص طبيعي بدءاً من الحلاق مروراً بالميكانيكي وصولاً إلى الطبيب المختص والمحامي الكبير.

وأردف بالقول ان هذا النظام التقديري عبارة عن صندوق أسود يحتوي وضعيات لا تحتمل حيث قد تصل قيمة الضريبة التي يدفعها المعلّم أو الأستاذ إلى مليونين سنوياً في حين لا يدفع الطبيب سوى 500 دينار.

وبيّن الخبير الاقتصادي انه خلال السنوات الثلاث الأخيرة، عوضاً عن توجيه إصلاح النظام الجبائي نحو مقاومة التهرّب الضريبي وتحقيق العدالة الجبائية، واصلت الحكومات المتعاقبة سياسة تجاهل التهرب الجبائي الذي ازداد استفحالاً.

وأفاد بأن قانون المالية التكميلي لسنة 2014، وخلافاً للمطالب الداعية بفرض فريضة استثنائية على الثروة كما وقع في مصر التي أقرت ضريبة بنسبة 5% على من يتجاوز دخله مليون جنيه لمدة 3 سنوات، أقرّ ضريبة استثنائية وجبايات على حساب الأجراء.

و وصف فتحي الشامخي فرض ما وقع إقراره بالعمل الإجرامي ، مفسراً ذلك بعدة اعتبارات أهمهما ان التجارب المشابهة السابقة لم تجلب إلا الفقر والبطالة وتعطيل المصالح، كما أنه من غير المجدي زيادة الضغط على الأجراء والطبقات الضعيفة لأن ذلك سيولّد انفجارات جديدة وبالتالي العودة إلى اللااستقرار، وفق تأكيده.

وأكد ان الجباية هي أهم وسيلة في يد الدولة لمعالجة ماليتها وميزانيتها خصوصاً في الوضع الذي تعيشه تونس معتبراً انه في حال حسن استخدامها فإنها ستحقق الاستقرار والازدهار، أما إذا وقع استعمالها بشكل خاطئ فإنها ستفتح أبواب الجحيم.

وأشار إلى ان الحكومات خلال ربع القرن الأخير توظف الجباية بطريقة سيئة قائلاً ان رئيس الحكومة المؤقتة لا زال يردّد السخافات نفسها حول أسباب الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تونس ، و قد اختزلها في ارتفاع أجور الموظفين رغم انها بالكاد تكفي لحفظ كرامتهم وبالدعم الموجه للمواد الاستهلاكية.

وختم الشامخي بالتأكيد على  انه عوضاً عن اتهام المواطنين والإنتاجية والدعم والدعوة إلى الهدوء لتحسين الوضع الاقتصادي كان من الأجدى لمهدي جمعة ان يلجأ إلى الجباية التي من شأنها في حال توظيفها بشكل جيد وإقرار الضريبة الاستثنائية على الثروة، المساهمة في إصلاح الوضع الاقتصادي الصعب.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.