غنّت للحب وللوطن وللسلام: الماجدة تضيء قرطاج.. وتعيد إحياء الزمن الجميل (صور)

مروى الدريدي-

كنجمة سطعت في سماء مُظلمة فأضاءت ما حولها بنورها، أطلّت الفنانة ماجدة الرومي على مسرح قرطاج الأثري لتجدّد العهد مع جمهورها "الاستثنائي" الذي كان في الموعد وحضر بكثافة.

عذبة هي كالطفولة كالأحلام كاللحنِ كالصباحِ الجديدِ كالسماء الضحوكِ كالليلةِ القمراءِ كالوردِ كابتسامِ الوليدِ، هي كلّ ذاك عندما أطلّت فأضاءت مسرح قرطاج بلباسها السكري المشع كنجوم تلألأت فزينت السماء، فبدت كعروس في كامل زينتها.

"مساء الخير.. ولكل الحب الي بالدنيا يسعدني إنّو نمسي عليكن وبالخير نحييكن"، بلهجتها اللبنانية حيّت ماجدة الرومي جمهورها بصوت مرهف يحمل كل مشاعر الحب والاحترام والامتنان لهذا الجمهور الذي وصفته بالاستثنائي وقالت إنه الأحب لقلبها، ولم تنس الماجدة أن تذكر بفرحتها عندما غنت لأول مرة بطبرقة سنة 1980 وهاهي تسترجع ذكرى تلك الفترة مع جمهورها على مسرح قرطاج الاثري الذي شكرته على تجديده للعهد.

ماجدة الرومي الفنانة اللّبنانية الأصل عربية الهوى والروح، لم يزدها تقدمها في السن إلاّ هيبة ووقارا وجمالا، غنّت للحبّ وللحبيب "عم يسأوني عليك الناس وينك يا حبيبي" و"عيناك ليال صيفية ورؤى وقصائد وردية" و"خذني حبيبي عالهنا، إنسى اللي كان وإبتدي خليني إخلق يا أنا" و"شوف شوف يا حبيبي شوف"،و "محدى بعبي مطرحك بقلبي"، أغان ألفها عشاق الماجدة فطربوا لها وحملتهم إلى ذاك الزمن الجميل زمن الأغاني الممتعة بعيدا عن تفاهة الأغاني التجارية المائعة.

ونزلت الماجدة عند طلب جمهورها الذي نادى "كلمات" فلبت النداء بـ "كلمات ليست كالكلمات"، فأمتعت جمهورها الذي حلّق مع الأغنية وألحانها في سماء الرومانسية والحب والفن الأصيل.

ورغم أن رصيدها الفني ثري جدّا إذ يبلغ نحو 119 أغنية من انتاجها الخاص، إلاّ أن الماجدة أبت إلاّ أن تطلّ على جمهورها بـ4 أغان جديدة تغنيها لأوّل مرة على مسرح قرطاج ما يعكس حبها واحترامها لجمهورها، وراوح الانتاج الجديد بين الغناء للوطن "بلادي" باللغتين العربية والفرنسية وللحرية بأغنية" أنا الحرية" وللحب بـ"لا تسأل" كما غنت من الفولكلور اللبناني أغنية "ميل".

ولم يفتها أداء "عسلامة عسلامة يا تونس عسلامة" فأنشدت بكل حب وإحساس للخضراء، وتغنت ببهائها وسحرها فرفع الجمهور أعلامهم وبادلوها حباّ بحبّ وإحساسا بإحساس، فكان التجانس والانسجام طيلة أدائها للأغنية، وانحنت للعلم بكل وقار تعبيرا عن اعتزازها براية هذا البلد المضياف الذي وصفته بواحة السلام وعاصمة الفرح. كما أطربت الماجدة جمهورها بأغنيتين من التراث التونسي، "آه يا خليلة" و "خالي بدلني" للراحلة صليحة فأدخلت "الجو التونسي" على الحفل فرقص الجمهور وتمايل معبرا عن اعجابه بهذا الاختيار وافتخاره بتراث بلاده.

وكانت الماجدة قليلة الحركة على المسرح تخطو خطوات قليلة وبطيئة ومتزنة، لكن كل ما حولها كان متحركا من فرقة المايسترو لبنان البعلبكي الذي تميز في آداء جميع المقطوعات الموسيقية أو الجمهور الذي لم يهدأ طيلة السهرة.

هي لم تتحرك كثيرا لكنها تركت العنان لصوتها الذي إن خانها في بعض الأحيان بحكم الارهاق والتقدم في السن، إلاّ أنه حافظ على قوته وعذوبته في آن واحد وتميزت في الطبقات العالية والمنخفضة على حدّ السواء. وغادرت ماجدة الرومي المسرح وقد خلفت في النفس بهجة وفي القلب حبّا لهذه الفنانة المحترمة والخجولة التي كانت في مستوى قرطاج وجمهوره، فأطربت وأمتعت وعادت بالذاكرة إلى الزمن الجميل فتركت في النفس قليلا من الحسرة شوقا لذلك الزمن الجميل وكثيرا من الحب والأمل.

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.