غابت القرارات .. فكثُرت الزيارات

لا تنفع الزيارات فيما أهدرته الدولة، ولا فائدة من زيارات بلا قرارات .. كزائر غريب يطّلع على فضاء يجهله، كطرف محايد لا يؤثر ولا يتأثر، يزور قيس سعيد مؤسسات عامة وخاصة باحثا عن أمل في تحقيق المنشود وتوفير المفقود ولسان حاله يقول إن الأزمة تفاقمت وتنوعت مداخلها.

وككل مرة، في زيارات متنوعة أجراها الرئيس أمس الاثنين إلى مؤسسات الدولة ومؤسسة انتاج الحليب، لم  يختلف خطاب الرئيس في مكتبه عن خطابه في الأسواق والشوارع ومع رجال الأعمال، متسلحا بخطاب اتصالي يرمي به الكرة ومسؤولية فقدان السلع وضعف أداء الحكومة لغيره من المعارضين، وكأنه كان يحلم أنه سيجد الطريق مفروشا بالورود، لا عقبات ولا صعوبات فيه.

وفي نظر الرئيس تعد كل المشاكل القائمة في تونس، اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، فقط نتاج لمن سبقوه في الحكم، بل إنه يطنب كثيرا في حجب حقيقة الضعف الوزاري وركود عمل حكومة نجلاء بودن.

بين أسواق المدينة العتيقة وشارع الحبيب بورقيبة ووزارة الداخلية ومصنع الحليب، متفقدا أحوال الرعية والدولة وبيت مؤونة الحليب، بدت زيارات سعيد المتنوعة وكأنها ارتجالية أو أنها زيارات فرصة اغتنمها يوم خروجه من قصر قرطاج لاحياء ذكرى اغتيال فرحات حشاد، وعدم صدور قرارات عنها أو إجراءات عاجلة على اثرها دليل واضح على كونها استعراضية.

وأغرب ما في هذه الزيارات، مصطلحات الرئيس الحبلى بالدعوات وفرض الواجبات التي وجهها لمسؤولي مصنع الحليب يطالبهم فيها بمقاومة الاحتكار وكأنه يقر بأن مصالح الدولة فشلت في ذلك وأهدرت دورها في الرقابة ولم تنجح في توفير مخزون غذائي يجنب البلاد أزمة فقدان السلع.

أما في نظر الشعب، فتبدو زيارات الرئيس فقيرة وتفتقد لأي أثر قد يترتب عنها، فلن ينفع تفقد مخزون الحليب في المصنع، كما لن ينفع الصعود إلى شرفة وزارة أملاك الدولة ولا الصور مع وزير الداخلية ولا في الأسواق العتيقة، فالدولة في نظر صاحب السلطة دورها الانجاز لا الاكتفاء بالتقييم، وزمن اليوم يختلف عن زمن التاريخ القديم الذي يكتفي فيه الراعي بتفقد أشغال رعيته وفلاحتهم وتجارتهم.

الشعب الذي سايرك في أحلامك يا سيادة الرئيس، يريد قرارات لا زيارات، شعبكم يترقب انتباهكم للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية وينتقد اطنابكم في الانشغال بالملف السياسي وتنزيل مشروعك على أرض الواقع منذ يوم 25 جويلية.

حتما، لن يخفي تعدد الزيارات  غياب القرارات، قرارات الدولة الفاعلة والقوية، وقرارات سلطة تبجل الاجتماعي والاقتصادي على السياسي، قرارات سلطة تعبر فعلا عن جمهورية جديدة .. جمهورية تحترم فيها الكرامة البشرية وتقطع مع الجوع والفقر وتحارب هجرة شبابها على قوارب الموت بالشغل لا بالأمن.

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.