عاد المخرج التونسي "أنيس لسود" من تايوان أين عرض فيلمه الأخير "صبّاط العيد" ليثور على واقع تهميش الثقافة وعدم احترام الأطفال والنساء في تونس مقارنة بما لمسه هناك من تقديس للفكر والفن والطفولة ومن ممارسات أخلاقية غير مرتبطة أساسا بالعقيدة الدينية.
وقال "لسود" في حوار مع حقائق أون لاين انّ الحاجة لثورة ثقافية قد أصبحت ملحّة الآن أمام تداعي المنظومة الأخلاقية وتفشّي العنف اللفظي والمعني والسياسي, موضّحا أن ذلك ليس مسؤولية النخبة المثقفة فحسب, بل على كلّ أطياف المجتمع أن تشارك في اشعال فتيل ثورة اجتماعية وأخلاقية وانسانية.
وأوضح مخرج فيلم "صبّاط العيد" أنّ أوّل لبنة في بناء هذه الثورة تتمثّل في القطع مع تقديس الأشخاص بمن فيهم الزعيم "الحبيب بورقيبة" وفي التعالي عن تعداد مساوئ الرئيس المخلوع "زين العابدين بن علي", معتبرا أن ذكر محاسن هذا الأخير, تمثّل احدى شروط تحقيق ثورة ثقافية.
واتّهم "أنيس لسود" دعاة التمسّك بالدين بالكسل الفكريّ, قائلا:" في تايوان لا يتحدّثون مطلقا عن الدين لايمان الناس أن الدين ليس هو المنقذ بل الأخلاق." وأضاف :" اذا لم يكن الدين أخلاقا وممارسات حسنة فلا خير فيه."
"صبّاط العيد" الذي يروي قصة طفل تونسي يحلم بحذاء العيد, كان له صدى ممتاز لدى جمهور مهرجان "فيلم الطفل" الذي انتظم بين 27 مارس و6 أفريل 2014 في تايوان. حيث أكّد "أنيس لسود" أنه على النقيض من توقّعاته بأن يتعذّر فهم الفيلم على الجمهور, تفاعل الأطفال التايوانيون معه كثيرا وأحبّوا فكرة الحذاء الذي يمكّن صاحبه من الطيران متسائلين عمّا اذا كان يباع في الأسواق!
المخرج الشاب "أنيس لسود" لم يخف سعادته لترشّح فيلمه للجائزة الكبرى في المهرجان المذكور, دون أن ينكر استحقاق الفيلم الهولندي الفائز لها. واعتبر أن تفاعل الجمهور مع "صبّاط العيد" يمثّل نجاحا في حدّ ذاته, عدا عمّا غنمه "لسود" من تأمّل في واقع الطفولة والثقافة في تايوان والذي فتح عينيه على حقيقة وجود هوة ثقافية ساحقة بينها وبين تونس.
ولأنّه يؤمن بضرورة انقاذ الطفولة المهمّشة, صرّح المخرج السينمائي "أنيس لسود" أنّه بصدد التحضير لشريط طويل جديد يسلّط فيه الضوء على قضية استغلال الأطفال والمتاجرة بأعضائهم, داعيا في الوقت ذاته وسائل الاعلام الى ايلاء أطفال تونس حظّهم من البرامج التلفزية والاذاعية.
