صلاح الدين الدريدي: التنظيم الاتصالي لـ”خرجة” الرئيس كان فاشلا.. والاعلام يعاني من بنية تكنولوجية متخلفة

مروى الدريدي- 

تباينت المواقف والاراء حول خطاب رئيس الجمهورية، قيس سعيد مساء الأمس (الاثنين 21 سبتمبر 2021) من مقر ولاية سيدي بوزيد، بين مستبشر بالاجراءات التي أعلن عنها، وبين معارض لها. لكن ما أجمع عليه كلا الطرفان هو الصورة العامة التي كان عليها الخطاب من "رداءة" و"تشويش" و"فوضى" ما أثر في مضمون الرسالة التي أراد الرئيس إبلاغها للمواطنين.
 
وفي قراءة مهنية لخطاب رئيس الجمهورية شكلا ومحتوى، اتصلت حقائق أون لاين بالأكاديمي والخبير في الاعلام والاتصال والعلاقات العامة، صلاح الدين الدريدي، الذي شدّد على أن "الأمية الاتصالية لرئاسة الجمهورية" و"الأمية الاعلامية للاعلام" فوّتتا على "الرئيس حسن التبليغ وعلى الاعلام حسن الاعلام وعلى المواطن حسن الادراك"، مضيفا في السياق ذاته أن "عدو الاعلام والاتصال ألا وهو "الضجيج" (le bruit) أثّر في مضمون العملية السياسية وأضرّ بالرئاسة والاعلام والمواطن".
 
"فشل اتصالي واعلاميّ ذريع"
وقال صلاح الدين الدريدي: "نحن تعوّدنا على رئيس الجمهورية عندما يتحدث، وتعودنا بانفعالاته وبأسلوبه في الخطاب، وبحديثه في كل مرة عن الـ "هُم"، ونحن قادرون على الإصغاء إليه رغم صعوبة فهم الكلام، ولو كان الظرف مساء الامس عاديّا لكنا خرجنا باستنتاج بأن الرئيس أعلن عن اجراءات تتمثل في "مواصلة العمل بالإجراءات الإستثنائية" و"إعلان أحكام انتقالية" و"سنّ قانون انتخابي جديد"، لكن الاشكال الكبير يكمن في الشكل والظرف الذي تم فيه الخطاب.
 
وشدّد صلاح الدين الدريدي على أن ماحدث مساء أمس هو "فشل اتصالي واعلاميّ ذريع"، وأن هذا الفشل جعل المضمون السياسي يغيب، وخروج الرئيس غير موفق، قائلا: "من مايزال يعتقد أن الاتصال السياسي ليس لديه دور مهم جدا في المجتمعات الديمقراطية عليه أن يُراجع قناعاته"، وفق تعبيره.
 
واستنتج محدثنا أنه لم يعد هناك مجال للشك بأن العلاقة بين رئاسة الجمهورية والمنظومة الاعلامية "متوترة"، وأوعز أسباب هذا التوتر إلى ما قبل 25 جويلية (الماضي القريب)، قائلا: "في إطار المناكفات السياسية والاصطفاف السياسي، كان الاعلام مُعاديا للرئيس ومصطفّا مع هشام المشيشي والحزام الداعم له، وربما كان ينظر لمشاكل الرئاسة من منظور الاصطفاف السياسي، حتى أن بعض وسائل الاعلام استهزأت بالرئيس، ورأينا ذلك في حادثة ما يسمى بـ"الظرف المسموم" حيث لم تتناول المنظومة الاعلامية هذه الحادثة بجدية ولم تكن هناك تغطية متوازنة، وهذا كله حدث على خلفية الصراع الذي كان دائرا حينها بين الرئاسات الثلاثة، وهذا أهم عنصر في اعتقادي يمكن أن نفسر به توتر العلاقة بين رئاسة الجمهورية والمنظومة الاعلامية".
 
وبين، أن الاتصال السياسي هو ركن من أركان المجتمع الديمقراطي، والرئاسة بموقفها المتوتر والمقاطع والغير متعاون مع المنظومة الاعلامية هي مخطئة تماما، قائلا: "لأننا في مجال الحق في الاعلام والحق في الاتصال والحق في المعلومة بالنسبة للمواطن الذي يتابع الرئيس ويريد معرفة ما يقوله".
 
ووصف محدثنا التنظيم الاعلامي والاتصالي لـ"خرجة" الرئيس كان فاشلا، وذلك على خلفية مقاطعة الرئاسة للمنظومة الاعلامية وموقفها منه، حيث أنها هي من تُعلن عن الحدث وترتب له.
 
خطأ فني واتصالي في ترتيب "الخرجة الرئاسية".
وقال صلاح الدين الدريدي: "كان من المستحسن لو قام الطاقم الاعلامي لرئيس الجمهورية بالاعلام منذ الصباح بخطاب الرئيس ومكانه، وتوجيه الاعلام للتلفزات والاذاعات والمُراسلين الأجانب إذا أراد إعطاءها بُعدا عالميّا"، مضيفا "هذا خطأ اتصالي من جانب طاقم الرئاسة المعني بالترويج الاعلامي والاتصالي لأنشطة رئيس الجمهورية، الذي لا يعبأ بالمنظومة الاعلامية الوطنية.
 
ولفت الدريدي إلى أنه ما حدث بالأمس لحظة الخطاب أضرّ إلى حدّ كبير بصورة الرئيس، فلولا الاجراءات التي أعلن عنها لكانت الصورة سلبية جدّا، مضيفا أنه باستثناء أنصاره هناك أشخاص تأكدت نظرتهم السلبية للرئيس، وذلك بسبب الخطأ الفني والاتصالي في ترتيب "الخرجة الرئاسية".
 
بُنية تحتية وتكنولوجية متخلفة
أمّا بخصوص الاعلام اعتبر صلاح الدين الدريدي أن "البنية التحتية والفنية والتكنولوجية وبنية البث وايصال المعلومة بعد 10 سنوات من الثورة، متخلفة"،  خاصة الاعلام التلفزي وعملية الإخبار، وهذا أمر لا نقاش فيه، وفق تعبيره.
 
وتساءل الدريدي: "ماذا لو جدّ انفجار كبير أو حادث ارهابي، وهي أحداث لا تُعلن عن نفساه مُسبقا، كيف كانت المنظومة الاعلامية ستتصرف؟، مجيبا أن التغطية كانت ستكون بنفس الطريقة، لنفس السبب وهو تخلف المنظومة الاعلامية.
 
واستدرك محدثنا بالقول: "رغم أنه يمكننا أن نلتمس العذر للمنظومة الاعلامية في عدم علمها مسبقا بموعد الخطاب لكن في اعتقادي فنيّا فإن ساعة ونصف كافية لتجهيز عملية البث"، على اعتبار أنه تم اعلام التلفزة قبل ساعة ونصف من انطلاق الخطاب.
 
من ناحية أخرى تطرق صلاح الدين الدريدي إلى الاستوديوهات المركزية للأخبار، مشيرا حيث أنه في حال انقطاع البث على خطاب الرئيس كان يمكن إنقاذ الموقف لو تمّ تأمين استوديو مباشر بحضور ضيوف للتعليق لملأ الفراغ، مشيرا إلى أن التلفزة الوطنية منذ القدم لا تعمل بهذه الطريقة حيث أنه حال انتهاء الخطاب تمر مباشرة إلى الاشهار.
 
وخلص استاذ الاتصال والعلاقات العامة، إلى أن الشكل (الميكروفون والأسلاك والكاميرا..) وعدم الابلاغ على الخطاب منذ الصباح، كلها عوامل أثّرت كثيرا في المحتوى، وفوتت على الرئيس حسن التبليغ وعلى الاعلام حسن الاعلام ونقل الصورة وفوتت على المواطن حسن الادراك".
 
وجدد تأكيده أن "الأمية الاتصالية من جانب الرئاسة والأمية الاعلامية من جانب الاعلام أضرّتا بحق المواطن في الاطلاع والنفاذ إلى المعلومة".

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.