تعرضت هيئة الحقيقة والكرامة في الفترة الأخيرة إلى "انتقادات" لافتة للانتباه من قبل عديد الاطراف السياسية والمدنية، إلى درجة رفع قضايا ضد رئيستها سهام بن سدرين.
وفي محاولة لتحليل دواعي هذه "الانتقادات" توجهت حقائق أون لاين بالسؤال إلى المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي حول ما إذا كان يعتبر أن الأمر متعلقا بشخص سهام بن سدرين أم أن هناك أغراضا أخرى خفية كضرب هيئة الحقيقة والكرامة لتمرير قانون المصالحة الاقتصادية والمالية المقترح من قبل رئاسة الجمهورية.
وأفاد الجورشي، في هذا الإطار، بأن الهيئة إضافة لكونها هيئة دستورية حمايتها تشكل جزءا من حماية الدستور نفسه قائلا: "عندما نحمي الدستور نحافظ على سلطة الرأي العام التي وفرت القوة للنص الذي صاغه أغلب نواب الشعب، ولذلك علينا أن ننتبه إلى أن أي محاولة لإلغاء هذه الهيئة أو إضعافها فإن ذلك سيقود مباشرة إلى التناقض الصريح مع الدستور والإرادة الشعبية".
وأضاف محدثنا، أنه "لا يمكننا أن نقفز على حالة غير صحية تمر بها هذه الهيئة منذ أشهر عديدة وهو ما نلاحظه في تعدد الاستقالات في صفوف هذه الهيئة وكثرة الحديث عن الخلافات التي تشق المسؤولين عنها، وهذا أمر يجب فهم أسبابه من جهة، وإنهاء تكراره واستفحاله من جهة أخرى"، مضيفا أن الهيئة التي لا تستطيع أن تحقق الوفاق داخلها سيكون من الصعب عليها أن تحقق وفاقا أوسع على الصعيد الوطني.
ويبدو واضحا حسب ما أفاد به مصدرنا، أن التمييز والفصل بين اختصاصات هذه الهيئة في مجال الحريات والملفات ذات الطابع السياسي عن الملفات ذات الطابع المالي الخاصة بالفساد، صعب خاصة وأن هناك فصلا واضحا في الدستور يؤكد شمولية أعمال الهيئة، ومن هنا جاء هذا التعارض بين المشروع الذي قدمه رئيس الجمهورية وبين صلاحيات هذه الهيئة.
واعتبر أن "هناك مبررات يمكن أن نتوافق بينها لخلق نوع من التعاون بين الطرفين، لأن مصلحة تونس الحالية والآنية تقتضي معالجة الأوضاع بطريقة سريعة وناجعة، ولذلك يمكن أن يتحقق هذا الأمر بمراجعة النص المقدم من رئاسة الجمهورية، لأن ما يتضمنه حاليا يثير الشكوك ويُخشى أن يكون مجرد تسوية مالية وظرفية في حين أن المطلوب معالجة جذرية لهذا الملف الشائك والمعقد".
ورأى صلاح الدين الجورشي أخيرا،" أن البلاد لم تعد تتحمل هذا النوع من الصراعات المفتوحة والتي لن تؤدي إلى وفاق بل ستزيد الفرقة بين مكونات الطبقة السياسية والمجتمع المدني، لأن قيمة العدالة الانتقالية وروحها تتمثلان في تحقيق المحاسبة والكشف عن الحقيقة من جهة والمصالحة وطيّ صفحة الماضي من جهة أخرى".
واستدرك الجورشي قائلا: "لكن ما يجري حاليا من صراعات يُستعمل من خلالها القصف اللغوي المتبادل لن يؤدي لا إلى معالجة ولا إلى طي صفحة الماضي، وإنما سيزيد من عمق الانقسام السياسي بطريقة لن تساهم إطلاقا في انجاز هذا الهدف الكبير والذي يتمثل في العدالة الانتقالية".