صدور كتاب “السياسة العقابية الإستعمارية الفرنسية بالبلاد التونسية 1881-1955” لعبد اللطيف الحناشي

حقائق أون لاين-

أصدرت الدار التونسية للكتاب مؤخرا كتاب "السياسة العقابية الإستعمارية الفرنسية بالبلاد التونسية 1881-1955" للأ ستاذ الدكتور عبد اللطيف الحناشي.

ويأتي هذا الاصدار ضمن سلسلة وقائع الأيام التي يديرها علي ايت ميهوب.

وفي ما يلي تقديم الكتاب للمؤرخ عبد الجليل التميمي:

كتاب مرجعي جديد لد. عبد اللطيف الحناشي حول:السياسة العقابية الاستعمارية الفرنسية بالبلاد التونسية (1881-1955)

أحال علي د. عبد اللطيف الحناشي نص كتابه المخطوط الجديد ، مستنجدا مني العمل على تقديمه، وهذا انطلاقا من العلاقات العلمية المتواصلة منذ أن أشرفت على رسالته للدكتوراه بالجامعة التونسية، وهي الرسالة التي حظيت منذ صدورها باهتمام نوعي من طرف المؤرخين التونسيين والمغاربيين ومجمل الباحثين، لدقة وأهمية الجدلية التي عالجها المؤلف في رسالته تلك.

ولا أكتم القارئ سرا أن مواكبتي لبحوث د. عبد اللطيف كانت فاعلة وإيجابية وهذا إلى درجة التقدير العالي لتنوع وعمق بحوثه، بتدخلاته الرشيقة في عديد القنوات التلفزية التونسية والعربية ووسائل الإعلام المختلفة، لنكتشف لديه أبرز صفات المؤرخ والمتمثلة أساسا في التحليل المعمق والبعيد عن تبني الأدلجة الحزبية التي تبناها عديد الباحثين المهتمين بتاريخ الزمن الراهن التونسي والمغاربي بشكل عام.

وإن ما يلفت الانتباه في مسيرة د. عبد اللطيف الحناشي أنه يعد اليوم أنشط الفاعلين في الفايسبوك ووسائل الإعلام الوطنية والعربية بفضل مواكبته التلقائية تحليلا واستشرافا للمشهد السياسي التونسي المعقد….

وأنا أعلم جيدا المعاناة التي عرفها د. عبد اللطيف ومدى العنف  المعنوي والحيف الإداري الذي سلّط عليه نتيجة مواقفه الفكرية ونشاطه النقابي والحقوقي من قبل بعض زملائه  وهو سلوك  يكاد يكون ثابتا  تجاه كل باحث مجتهد ومؤمن برسالته العلمية في مسيرته المهنية… 

و اليوم يهدينا الدكتور عبد اللطيف الحناشي كتابه الجديد: السياسة العقابية الاستعمارية الفرنسية بالبلاد التونسية (1881-1955). 

وأقر اليوم أني أمتعت حقا بقراءة هذا البحث الجاد والجديد في بابه، ذلك أن ظاهرة الاستعمار التي ابتلي بها المجتمع التونسي والمغاربي والعربي عموما، هو أن يعمل الجميع على حتمية دعوة الجميع للتوقف مليا، حول طبيعة القوانين الاستعمارية العقابية المطبقة في تونس منذ انتصاب الحماية الفرنسية إلى حصولنا على الاستقلال السياسي سنة 1956 وكذا في الفضاء الجغراسياسي المغاربي.

وهنا أتوجه للمنادين "المغفلين" التونسيين والمغاربيين والذين من حين لآخر يقومون بالتنويه إلى درجة الغباء بالفترة الاستعمارية وأدعوهم للإطلاع على هذا الكتاب الذي يعد صيحة فزع ضميرية و المرجع الاستثنائيّ في هذا  الحقل.

كما يمثل هذا العمل جهدا استثنائيا في جمع قاعدة بيانات للقوانين الصادرة عن المسؤولين الإداريين الفرنسيين والمطبقة على تونس أثناء فترة الحماية وحيث تم الكشف عنها في الأرشيفات الفرنسية والتونسية وكذا من مختلف الصحف الصادرة يومئذ بتونس وفرنسا !.

ولا شك أن المتفحص لمثل هاته القوانين العقابية المختلفة، سيدرك تماما مدى التداعيات السلبية مثلا على سياسة استخدام العنف العقابي للحط من القيم الإنسانية للمناضلين التونسيين والمغاربيين، وهي سياسة عقابية ذات أبعاد طبقية. كما لا تعترف بوجود نشاط وطني للسكان الأصليين لتحرير وطنهم من الاستعمار الفرنسي، بل  تعتبر كل الأنشطة التي يقوم بها الوطنيون لتحرير بلادهم، أنشطة ذات طابع إجرامي بحت، واستوجب مناهضتها وهذا هو منطق الإدارة الاستعمارية، التي نادت بعدم السماح للوطنيين التونسيين بالقيام بالفعل السياسي الإيجابي ويصل التعسف الاداري والغطرسة بالمقيم العام الفرنسي بتونس عندما اعتبر استعمال العفو والليونة تجاه هؤلاء الوطنيين هو مظهر من مظاهر الضعف الإداري والأمني تجاههم.

وعلى ضوء ذلك يؤكد المؤلف أن الاستعمار الفرنسي في جوهره يمثل نفيا صارخا للآخر بكل أبعاده التحررية الوطنية، وهو ما يفسر مدى استهجان الإدارة الاستعمارية للنشاط الوطني، على أساس أن فرنسا قد أوكل إليها القيام بمهمتها الحضارية والإنسانية بتونس والفضاء المغاربي، وذهبت بعيدا إلى استعمال الشدة والعنف والحكم على هؤلاء الوطنيين بالسجن ثم القيام بعمليات متواصلة لغسل الدماغ والتدجين والتعذيب، وفقا للمنطق الاستعماري الذي ركز على استلاب الروح قبل الجسد ووصولا إلى فبركة الشخصية المنبطحة والمغلوبة على أمرها ودحرجة وتقليص النزعة الوطنية لديها.

وقد وضعت الإدارة الاستعمارية نظام الإبعاد الإداري وتحجير الإقامة أو فصل الموظف المعاقب عن عمله أو نقله تعسفيا عن عمله الأصلي أو الحط من رتبته الوظيفية ومنحه راتبا أقل بثلاثين بالمائة (30%) من الراتب المعتمد للفرنسيين. وذهب منطق العقاب الاستعماري إلى سحب حتى جواز السفر على هؤلاء النشطاء السياسيين واعتقال أفراد عائلاتهم واعتبارهم رهائن بغية الضغط النفسي على القيادات الوطنية. وعليه أعطت الأجهزة الإدارية لنفسها الشرعية لمناهضة كل من يشكل في نظرها خطرا على الأمن العام للمدينة الأوروبية بتونس مثلا وإهمال 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.