16
بقلم مروى الدريدي-
لم أتخيل يوما أن يصادفني موقف كالذي عشته في "عطار الحومة" ليلة أمس، طفل في الرابعة عشرة من عمر تقريبا، دخل على عجل باحثا عن المياة المعدنية، فأخبره صاحب المحل أنه لا يملك غير بعض قوارير المياه سعة نصف لتر..
تردّد الطفل قليلا ثم طلب منه ثلاث قوارير، وبعد أن أعطى ثمنها وهمّ بالمغادرة طلب من صاحب المحل بنبرة خجل ثلاث قوارير أخرى، ودون تردّد وافق صاحب المحل ففرح الطفل لأنه ظفر بـ3 لترات من الماء له ولولديه، مثلما كشف عن ذلك، أي بمعدل لتر واحد فقط لكل منهم إلى حين العثور على الماء..
هذا الموقف الغريب والمستجد في تونس، وهو أن شرب الماء أصبح بمقدار، يوحي بفداحة الوضع المعيشي الخانق الذي بات يعيشه المواطن التونسي، فشح المياة المعدنية المعلبة انضاف إلى شح المواد الأساسية وغيابها في أحيان كثيرة، على غرار الزيت والطماطم والسميد و"الفارينة" والسكر دون الحديث عن الأسعار المشطة للحوم الدواجن واللّحوم الحمراء إن استطاع المواطن إليها سبيلا.
هذا الوضع فاقم معاناة المواطن التونسي الذي أقرّ بأن الدولة تخلت عنه وأضحى في سعي مستمر لتأمين حاجاته الغذائية اليومية، حتى أنه صار خائفا من سوء تغذية لأانه لم يعد قادرا على شراء المواد التي تعزز مناعته وتحمي صحته من ذلك الفواكه الجافة والغلال والسمك…
ما تعيش على وقعه البلاد خلال هذه الفترة يستدعي خروج رئيس الجمهورية قيس سعيد من حالة الذهول والجمود الذي يتخبط فيها منذ نتائج استفتاء 25 جويلية، والتخلي عن لغة الوعد والوعيد نحو الفعل والانجاز وايجاد حلول عاجلة للأزمة الاقتصادية والاجتماعية..