“شبح” الانقسامات يطارد من جديد حركة النهضة؟!

أمل الصامت –

أسال الحديث عن وجود انقسامات وتصدعات داخل حركة النهضة من الحبر الكثير، ليس من اليوم بل منذ عودتها إلى المشهد السياسي والتي كانت عودة قوية بحسب ما أثبته الصندوق في مناسبتين (2011 و2014)، وإن اختلفت الأسباب في كل مرة، فتارة تتجلى الخلافات في راغب في تحديث الحزب ورافض لتغيير المبادئ التي شكّلت حركة الاتجاه الاسلامي، ومرة تنعكس من خلال نتائج تصويت على قانون ما في البرلمان، وأخرى تفضحها الأصوات الرافضة لمنهج التوافق مع حزب منافس.

وإن كانت هذه الخلافات “مدويّة” داخل الحركة، “مكتومة” خارجها، فإنها في كل مرة كانت تتأكد لدى الرأي العام من خلال إعلان عن استقالة ما أو تصريح ضدّ التيار لقيادي بارز بالحركة، وهو ما حصل تماما عندما أعلن رئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي انسلاخه عن الحركة ربما لشعوره بانتهاء تناغم الحركة مع توجهاته، أو عندما أثارت تصريحات لقيادات بارزة مثل عبد اللطيف المكي وعبد الفتاح مورو وعبد الحميد الجلاصي جدلا حول تأكّد وجود اختلاف في الآراء داخل الحركة بشأن التوافق مع نداء تونس، او كذلك بعد استقالة النائب بالبرلمان نذير بن عمو من كتلة الحركة بسبب رفضه لقانون المصالحة المالية والذي كشف بدوره انقساما كبيرا داخل الكتلة البرلمانية.

ولعل التصريحات الموالية لهذه المستجدات المعلنة في كل مرة هي التي كانت تعود بالانقسامات داخل حركة النهضة من جديد إلى مربع “المطبخ الداخلي”، وتحصرها في دائرة الاختلاف الإيجابي الدال على إيمان الحزب الاكبر في البلاد بأهمية الديمقراطية والخلاف الذي لا يفسد للودّ قضية، وهو أمر محمود فقط إن خرج عن دوامة الادعاءات والمبررات الساعية إلى طمس الصدع لا رأبه.

وفي كل مرة تعود فيها التصريحات ضدّ التيار لتطفو على السطح، تغرقها تصريحات أخرى تنقذ المركب وتلقي بالركاب بين أمواج التوضيحات والردود وإخراج الكلام عن سياقه، وهو ما حصل منذ يومين بعد تدوينة نشرها رضوان المصمودي المنضم حديثا إلى النهضة (نوفمبر 2017) دعا فيها الحكومة إلى الاستقالة إذا كانت غير قادرة على استخلاص الأداءات من الأغنياء والمهرّبين حيث كتب ما يلي: “إذا كانت الحكومة غير قادرة على استخلاص الأداءات من الأغنياء والمهرّبين فعليها أن تقدّم استقالتها فهذه هي المهمّة الأولى للحكومة” ليكذّب في تدوينة تلتها تفسير كلامه على انه دعوة لاستقالة الحكومة، إذ كتب: “انا كنت ولازلت من أوَّل المدافعين عن بقاء حكومة يوسف الشاهد وإكمال مدّتها الى نهايتها لتحقيق الاستقرار الحكومي ومزيد من الإستقرار لتونس… ولكن بقاء الحكومة ونجاحها مربوط بمجموعة من الأهداف والإصلاحات وأهمٌها استخلاص الضرائب والأداءات من الجميع وخاصة الأغنياء والمهرّبين لتحقيق التنمية والعدالة الجبائيّة”.

هذا الموقف ونقيضه، إذا افترضنا انه نقيض، يعود بنا إلى نظرية المخيال الشعبي القائلة “الحاج موسى أو موسى الحاج”، ولعلها توبيخات عليا قادت الرجل حديث العهد في الحزب إلى الوقوع في مثل هذا الفخ، إلا أن الأمر عندما يصدر عن قيادي “قيدوم” يصبح غريبا ويحيي من جديد رميم “شبح الانشقاقات النهضوية”.

تدوينة أخرى في نفس يوم تدوينة المصمودي، للقيادي “القيدوم” لطفي زيتون تساءل فيها عن أي استقرار حكومي يتحدثون، في إطار استنكاره لانقطاع الماء عن جهة صفاقس لاكثر من 3 أيام، تثير جدلا بين رواد الفايسبوك والذين يشكلون جزءا لا يتجزأ من الراي العام، يعلق عليها صاحبها في تصريح لحقائق اون لاين بالقول إنها لا تتعلق بموقفه من استمرار حكومة الشاهد من عدمه بقدر ما لها صلة بموقف شخصي من حدث انقطاع الماء نفسه بعدد من جهات الجنوب.

ولم يكتف زيتون بهذا التبرير ليعتبر أن موقفه كفرد يختلف عن موقف الحركة والتي أكدت في أكثر من بيان وتصريح رسمي لرئيسها راشد الغنوشي وعدد من قيادات الصف الأول دعمها لحكومة الوحدة الوطنية ورئيسها يوسف الشاهد بعد إجماع كل من حركة نداء تونس والاتحاد العام التونسي للشغل على ضرورة رحيلها منذ مدة.

هذه التغريدات خارج السرب وغيرها من التلميحات بمساندة مبدإ رحيل الحكومة الحالية من قبل عدد من الوجوه البارزة في حركة النهضة مع ربط ذلك بشروط تطرح التساؤل من جديد حول ما إذا كانت حركة النهضة تصوغ قراراتها ومواقفها وفق الإجماع أم  وفق ميولات الشيخ راشد الغنوشي، ومن هنا تأتي الانقسامات؟

 

 

 

 

 

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.